عمر المزين – كود///

ينفث مطرح النفايات بفاس، سمومه الضارة بعيدا عن مكانه بجماعة عين البيضا في الطريق لمنتجع سيدي حرازم. ويمتد ضرره البيئي لتجمعات سكنية مختلفة بأحياء بمقاطعة سايس، دون أن يسلم منه مرضى المستشفى الجامعي ومرتفقو قصر العدالة والأطر العاملة هناك وجمهور المركب الرياضي وما جاوره.

خطورة انبعاثات سمومه تزداد حدة صيفا ومساء وكلما هبت نسائم ريح يحمل روائح كريهة منبعثة منه، على جناح “الأمان” إلى تلك المواقع وغيرها دون أن تنفع صيحات الغضب وطلبات الاستنجاد من مواطنين ومرضى وفعاليات، أعياها انتظار تدخل فعال وناجع للحد من التلوث المتسبب فيه.

ويجهل الجميع إلى متى سيستمر الوضع على ما هو عليه خاصة وفاس على غرار مدن أخرى، مقبلة على احتضان تظاهرات رياضية قارية وعالمية، توجب استئصالا لمشكل مؤرق للجميع منذ سنين رغم التطمينات قدمت في مناسبات متعددة، وتحولت حلما مجهضا لا أحد يعلم تاريخ تحققه.

قنبلة موقوتة:

تحول المطرح مع مرور الأيام وفي غياب التدخل الحازم، إلى قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أي لحظة وحين وكلما هبت رياح الشرقي الحاملة سمومه إلى أحياء النرجس وعوينات الحجاج والرياض امتدادا إلى طريق صفرو والتجمعات السكنية الحديثة النشأة في محيط قصر العدالة وما جاوره.

سكان تلك الأحياء وغيرها، طالما احتجوا وجهروا بغضبهم من الروائح الكريهة المنبعثة من المطرح رغم بعده مسافة عنهم. وموجة الغضب امتدت إلى كل المنشآت العمومية والخاصة والتجمعات السكانية المجاورة، خاصة في فاس شور خاصة أن المنطقة تحتضن إدارات ومؤسسات تضررت.

أنفاس طلبة كلية الطب اختنقت مرارا بمثل تلك الروائح الخادشة صورة مؤسسة جامعية مستقطبة للمئات من الطلبة من مختلف المدن والجنسيات. وقس على ذلك المرضى ومرتادي المستشفى الجامعي الحسن الثاني المجاور، ممن لم تنفع صيحات غضبهم، في تجنيبهم روائحا وانبعاثات سامة.

تلك الانبعاثات تشكل خطرا حقيقيا محدثا بسلامة وصحة كل مرتادي المستشفى ومن في أجنحته المختلفة من مرضى قيد العلاج، تزداد حالاتهم الصحية أحيانا، تضررا باستنشاق تلك الروائح خاصة بالنسبة لمن يعانون من ضيق في التنفس أو من أمراض مختلفة تحتاج بيئة سليمة للعلاج.

رقعة الضرر:

كلية الطب والمستشفى من أكثر الفضاءات تضررا مما ينبعث من مطرح النفايات الجاثم على قلوب الكل، من انبعاثات وسموم تهدد حياة من بهما وزوارهما، كما معهد للتكوين وفضاءات فاس شور، ومختلف محاكم المدينة والمرافق التابعة لها ونوادي القضاة والمحامين غير البعيدة.

ويبدو الأمر أكثر مأساوية بالنسبة لمرتادي وجمهور المركب الرياضي الكبير، خاصة أنه مرشح لاحتضان مباريات كأس إفريقيا للأم هذا العام، وكأس العالم في سنة 2030 دون أن تكلف جماعة فاس نفسها عناء التدخل العاجل لإيجاد حل عملي لمشكل روائح كريهة ينفثها المطرح.

جمهور المركب الرياضي بدوره يشم “عصارة” روائح المطرح الزاكمة للأنوف كلما احتضن مباراة في كرة القدم، ما قد يشكل وصمة عار و”شوهة” حقيقية في التظاهرات القارية والعالمية المقبل المغرب على احتضانها، مما يجب تداركه في القريب العاجل وقبل فوات الأوان.

محنة السكان والجمهور ومرتفقي المستشفى والمحاكم وما جاورها، لا تخصهم وحدهم، بل يشتركون في تأثيرها وآلامها، مع محيط المطرح وأراضي فلاحية مجاورة له، لا تتضرر بالروائح، بل بما يلفظه من سموم وغازات سامة فيها ما يهدد الفلاحة بها كما الفرشة المائية المهددة بدورها بالتلوث.

أحواض اللكسيفيا:

وتبقى مياه سيدي حرازم وعين سايس، مهددة بالتلوث بملفوظات المطرح، كما السد المجاور المهدد بدوره برواسب أحواض “اللكسيفيا” المنتشرة فيه وما تلفظه من روائح سامة تهدد سلامة وحياة البشر والأرض والشجر، خاصة أمام توقف عملية معالجة النفايات بتوقف محطتها.

عملية حرق النفايات لها أيضا تأثير سلبي على محيط المطرح في امتداد يتجاوز الثلاث كيلومترات يواجه من بها وعلى طولها، خطر الاختناق أمام تنفس واستنشاق الهواء الملوث التي تهدد البشر بأمراض جلدية وتنفسية خطيرة، بل قد تتسبب في أمراض سرطانية بسبب الغاز المنبعث.

أما عن انتشار مختلف أنواع الحشرات الضارة فحدث ولا حرج، ويبقى السكان ومرتفقي تلك الإدارات والمؤسسات، بذلك تحت رحمتها والروائح المنبعثة من مطرح بمثابة قنبلة قد تنفجر في صحتهم، في الوقت الذي يواجه المجلس الجماعي، هذا الواقع المر بالتفرج عليه وتداعياته.

مأساوية الوضع والحاجة للتدخل لا تحتمل تأجيلا خاصة قبل شهور معدودات من احتضان فاس لبعض مباريات كأس إفريقيا للأمم، في ظل تساؤل الجميع عن إن كانت المدينة ستستقبل هذه التظاهرة وكأس العالم، بروائح مزكمة للأنوف ومضر بالصحة، وخادشة لصورة تظاهرة وعاصمة علمية للمملكة.