حميد زيد – كود//
كل الذين انتقدوا دلوعتنا المغربية.
جميلة الجميلات.
قاهرة الصحافة.
محاربة الميكروفونات.
هازمة المواقع الإلكترونية ببزتها العسكرية المرقطة.
و بقفازاتها الكاكي.
نمرة الغناء الموري.
آسرة قلوب العرب. من مملكة دلمون في البحرين إلى مملكة المور الأحرار في مغرب الأرض.
كلهم. كلهم دون استثناء
يعيبون عليها لبساها الأنيق والكول الذي ارتدته في بلاد الأنجليز..
ويقولون إنه من قلة الذوق أن ترتدي دنيا ذلك الهندام في لندن.
وإنه لا يليق.
وإنه يسيء إليها. ويظهرها بمظهر سيء.
معبرين بذلك عن عقدة نقص فظيعة.
وعن حسد.
وعن جهل كبير بالموضة في عاصمة الضباب.
وبلندن وعاداتها وتقاليدها وجنونها.
وثقافتها المنفتحة على كل الأذواق.
فأي شخص يعرف الأنجليز حق المعرفة وعاش بينهم. وبمجرد أن يرى دنيا تتجول في شوارع لندن. فإن أول من سيخطر بباله هو شخصية “لالا” في سلسلة تيليتوبيز الشهيرة.
وقد كانت لالا.
و تينكي وينكي. و ديبسي. و پو. يرتدون. ذكورا وإناثا. نفس اللباس الذي ارتدته نجمتنا المغربية.
ولهم نفس القوام تقريبا.
ونفس الألية.
مع أن لا أحد يمكنه أن ينافس دلوعتنا المغربية.
وأين.
في البي بي سي التي توجد في قلب لندن.
وليس في الضواحي.
وليس في الريف الاسكتلندي.
بينما لم يسبق لأي شخص في لندن أن سخر من لالا.
ولا من تينكي وينكي.
ولا من پو.
بسبب ذوقهم. وبسبب شكلهم. وبسبب أردافهم.
لأن هذا اللباس وهذا الذوق محبوبان في لندن.
وفي ستامفورد بريدج. و ويمبلي. وفي كل ملاعب العاصمة.
وفي كل الأحياء. والأزقة. والمسارح. والقنوات.
ولذلك فإن هذا الستايل وحده يكفي ليُعجب الأنجليز بطلّة دنيا.
و بمشيتها.
و بدلالها. وغنجها.
لأنها تذكرهم بالماضي الجميل.
ولأن اللباس الذي خصصته دنيا لزيارتها اللندنية التاريخية يثير في أي لندني الحنين.
ويذكرهم بالفترة الذهبية.
و بشعور اليتم الذي خلفته نهاية التاتشرية.
وفي تلك التسعينيات التي تغير فيها الذوق. وبرز خطاب العالم قرية صغيرة.
وبعد أن كبر الإنجليزي
مع لالا المكتنزة.
جاء يوم البريكسيت. فخرج الإنجليزي من الاتحاد الأوربي.
نحيفا.
تائها.
غير قادر على الفوز بكأس أوربا للأمم.
مقهورا من عبث أقوام اللاتينينيين المتوسطيين.
عاجزا عن العثور على عظمة بلاده التي كانت يتخيلها.
ودون أن يعثر على شخصيات تيليتوبيز بشاشات في بطنها. و بأجهزة اتصال لاسلكي فوق رؤوسها.
ومهما حاول اللندني والإنجليزي عموما أن يسترجع الماضي من خلال مجموعات غنائية مثل Blur. ووازيس.
لكن عبثا
فإنه لم يجد الماضي الذي كان يسعى إلى العودة إليه.
حتى ظهرت دنيا باطما بلباسها
فظن خصومها
أن هذه هي فرصتهم للسخرية منها
وللتنمر عليها.
والحال أن كل ما تقوم به فنانتنا مدروس ومخطط له.
و كل ما ترتديه
وكل إطلالة لها
وكل فستان
فيه إشارة ومعنى
وفلسفة
وتحية للبلد التي تزوره.
وفيه وعي فني تاريخي يغيب على خصومها
وبأن هذا هو اللباس الذي يليق بوجودها في قلب لندن.
ولهذا
قررنا في موقع كود الدفاع عن دنيا باطما
وعن حقها في أن تلبس ما تشاء
وتتصرف في جسدها كيفما تشاء
انسجاما مع قناعاتنا ومبادئنا وقيمنا
وانتصارنا الدائم للحرية
تاركين كل خلافاتنا العميقة جانبا
مقتنعين بأن الاختلاف في الذوق
لا يفسد للود قضية
محاولين قدر جهدنا المساهمة
في تحليل
ومتابعة
هذه “الأساطير المعاصرة” التي يظنها صغار العقول
تفاهة
والحال أن مجرد لباس لدنيا باطما
ارتدته في زيارتها للندن
يمكنه أن يفسر لك أي عصر نعيش فيه.
وأي مرحلة
كما يمكنه أن يعود بنا إلى كل ذلك النقاش الذي صاحب سلسلة تيليتوبيز الموجهة للأطفال
و الحديث عن وجود مؤامرة
خلف تلك الشخصيات التي كانت ولمدة عقدين من الزمن تقوم بنفس الحركات البطيئة
وتردد نفس الكلمات القليلة
مقلصة من اللغة
ببطن
تتوسطه شاشة
قبل أن تظهر دنيا باطما
معيدة كتابة التاريخ من جديد
متجاوزة أخطاءه
بلا شاشة في بطنها
ودون جهاز استقبال لا سلكي في رأسها
بل فقط بصوتها الجميل
محررة اللغة والذوق
ومخلصة البشرية من ربقة رسوم متحركة
ظلت مهيمنة على العقول
وتحوم حولها الشكوك
طوال عقود طويلة.