حميد زيد – كود//

قد يكون محمد بودريقة مريضا. وربما أجرى أكثر من عملية جراحية على قلبه.

وما علينا إلا أن نصدقه. ونتمنى له الشفاء. والعودة إلى المغرب.

لكن من المؤكد أن رئيس فريق الرجاء البيضاوي هو الآن مريض من عصر آخر.

وقد يكون من القرن الرابع العشر. أو من القرن السادس عشر.

قبل ظهور الطائرة.

لأنه لو كان ينتمي إلى عصرنا. لما تأخر كل هذا الوقت في العودة.

ولركب أول طائرة من لندن في اتجاه مطار محمد الخامس.

متحاملا على مرضه. فليس أفضل من أن تقضي فترة نقاهتك بين أهلك وجمهورك.

وليس في الغربة. بين قوم لا يشجعون الرجاء.

لينفي كل الشائعات. وليكذب بودريقة. على الأقل. أولئك المتحاملين عليه. والذين يروجون أنه يرفض العودة. بسبب صدور مذكرة بحث وطنية في حقه.

لكنه يصر على أن يكون مريضا من الماضي.

وأن يغذي الشكوك حول الأسباب الكامنة خلف تأخره الطويل في العودة.

ورغم أنه حاضر بقوة في الأنترنت. ويجري الحوارات الصحافية. ويختار محاوريه بعناية. إلا أنه ينتمي لزمن لم تخترع فيه بعد الطائرة.

والسفر فيه طويل وشاق. ويؤثر على صحة المريض.

و قد كان من الأفضل أن يطل علينا. لنطمئن عليه. ويعود بعد ذلك إلى لندن.

إلا أن الضغط والمرض جعلاه ينسى وجود وسيلة نقل تسمى الطائرة.

و جعله ذلك ينسى أن ورطته ليست رياضية. حتى يجمع حوله. لاعبين سابقين. وحكما.

ويخطب ود جمهور كبير.

بل إن ورطته سياسية. وتحتاج إلى أسئلة وأجوبة سياسيين.

وتحتاج إلى توضيح.

ولا يمكن لأي شخص أن يمرض إلى الأبد. ويتغيب إلى الأيد. ويظل مع ذلك حريصا على الظهور في اللايفات.

ولذلك فكل خرجة له تسيء إلى هذا الرجل.

وكل ظهور له يورطه أكثر.

وكل محاولة منه في أن يبدو ذكيا وداهية تزيد في فضحه.

وكما لو أنه يسخر من المؤسسات المتواجد فيها.

وكما لو أن وزارة الداخلية يمكنها أن تقتنع بدفاع حكم سابق عنه.

وربما تسببت العملية التي أجراها بودريقة على قلبه في أضرار جانبية.

وربما تضررت ذاكرته جراء القسطرة.

وصار يعيش في عصر لا طائرات فيه. ولا مطارات.

و الرحلة فيه من لندن إلى الدار البيضاء تستغرق أشهرا. بدل ساعات قليلة.

لكنه سوف يعود

يوما ما سوف يعود بودريقة.

و إن هو تأخر سنة. أو سنتين أخريين. فلكي يبقى قريبا من أطبائه.

ولأنه في فترة نقاهة لا تشبه النقاهات. و طويلة ولا تنتهي.

وفي عصر لا يشبه هذا العصر

ينكر فيه المريض وجود اختراع اسمه الطائرة.