منذ أزيد من أسبوع تعتصم مجموعات من حملة الشهادات المعطلين أمام مندوبية وزارة التشغيل والتكوين المهني بشارع مكة وسط مدينة العيون. حملة الإجازة والماستر والتقنيون وحملة الشهادة التأهيلية قرروا الاعتصام أمام المندوبية ووسط المدينة لإثارة الانتباه إلى "معاناتهم". علي بوكيوط وماء العينين سعدون قالا ل"كود" أن رجال الأمن طلبوا منهم منذ اليوم الأول من الاعتصام بفكه، فردوا عليهم "اعتصامنا سلمي" مشددين أنهم لن يرحلوا إلى أن يتم الاستجابة لمطالبهم وهي "التوظيف المباشر". في هذه المجموعة كان محمد الصغير، أحد المعتصمين، قد دخل في إضراب عن الطعام، لكنه سينهار في اليوم الخامس، لم تمر سوى دقائق على اتصال أحد الطلبة بالمستشفى حتى حضرت سيارة الإسعاف ونقلت الصغير المغمى عليه إلى المستشفى.
الأجواء في هذا الاعتصام احتفالية أكثر منها احتجاجية، يتناوب الشباب على الحضور وفي المساء تأتي العائلات حاملين البراد والكيسان والبوطا لإعداد الشاي الصحراوي. هذا المنظر لم يكن تصور وقوعه في العيون قبل أسابيع "درك راه ياسر من الأمور تبدلات" يقول صحراوي حقوقي.
أصبح منظر خروج تلاميذ أو غيرهم في الشارع يحملون راية البوليساريو مألوفا نوعا ما "طالما أن الاحتجاجات سلمية فالأمن لم يعد يتدخل بعنف حتى مع مطالبين بالاستقلال" يوضح حقوقي آخر.
أصبحت الاحتجاجات أمرا مألوفا، كل يوم أكثر من ثلاثة أشكال احتجاجية في أماكن مختلفة. العمال والحرفيون يطالبون بإنصافهم وتوفير ظروف عمل لهم. الطلبة المجازون او الحاملون لشهادات يطالبون بالتوظيف المباشر والمعتقلون السابقون يحتجون أمام المقر الجهوي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان (الذي مازال يحمل اسم "المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان) بحي مولاي رشيد لإسماع صوتهم والفقراء يحتجون أمام العمالة للمطالبة ب"الكارطيات"، وحركة 20 فبراير ورغم عدد أفرادها القليل (لا يتجاوز 50 فردا) يجوبون وسط مدينة العيون للمطالبة بدستور ديموقراطي والحق في الشغل، بين الفينة والأخرى يخرج انفصاليو الداخل حاملين علم البوليساريو مرددين "لا بديل لا بديل عن تقرير المصير"، كل هذه الاحتجاجات جعلت سكان العيون أكثر ثقة في مدينتهم "طالما ان الاحتجاجات سلمية في عمومها (بعض العناصر تستفز رجال الأمن) فهذا ينسينا ما حدث في كديم إيزيك وغيرها من الأحداث المؤلمة التي شهدتها المدينة في السنوات العشر الأخيرة" يحكي ل"كود" أحد سكان العيون.
في ظل هذا الانفتاح غير المسبوق والتسامح غير المعهود مع الاحتجاجات في العيون، يرغب معتقلو قلعة مكونة وأكدز تنظيم أنفسهم في جمعية حقوقية. الجمعية حسب تصريحات المسؤولين عليها ل"كود" ستكون دفاعا عن "حقوق الإنسان في الصحراء" ومعالجة "الملفات العالقة".
إطلاق سراح مجموعة التامك ومن معه كانت إشارة إلى تحول من قبل الدولة في معالجة ملف عالق معقد مركب كملف الصحراء، يبدو أن المقاربة الحقوقية هي الوحيدة القادرة على كسب قلوب الصحراويين، فمع الانفتاح الكبير على مستوى حقي التعبير والتظاهر، يمكن لانفصاليي الداخل أن يعيدوا حساباتهم ويراجعوا مواقفهم خاصة مع استمرار غياب هذه الحريات عند الطرف الآخر البوليساريو.