حميد زيد – كود//

كان على الفلسطيني في غزة أن يستسلم.

لكنه لم يفعل ذلك للأسف.

كان على الفلسطيني في غزة أن يكون واقعيا.

لكن صموده للأسف الشديد كان أسطوريا.

كان يفوق أي خيال.

وأي صمود سابق.

كان عليه أن يثبت قاعدة أن الضعيف خاسر.

لكنه للأسف كسرها.

كان على الفلسطيني في غزة أن يتخلى عن مقاومته.

كان عليه أن يقف ضدها.

كان عليه أن يتهمها بالمغامرة. وبالتبعية. وبالتضحية بالشعب الفلسطيني.

كان عليه أن يثور عليها.

لكنه للأسف وقف في صف المقاومة.

وكان هو المقاومة.

كان على الفلسطيني أن يقبل بالاحتلال.

كان عليه أن يقتنع بأن العالم كله ضده. وأن لا حل أمامه.

كان عليه أن يستسلم للتصفية.

كان عليه أن يحب المحتل الإسرائيلي. ويعترف بقوته. وبقوة الذين دعموه.

لكنه للأسف لم يفعل ذلك.

كان على الفلسطيني في غزة أن يفر من أرضه.

كان عليه أن ينجو من الموت.

لكنه للأسف لم يفعل ذلك.

كان على الفلسطيني في غزة أن يرفع الراية البيضاء.

لكنه خرج للأسف الشديد محتفلا. مرددا الأناشيد.

كان عليه أن يموت.

لكنه ظل لآخر لحظة يكبد المحتل الخسائر ويصيبه من المسافة صفر.

كان على الفلسطيني أن يمدح قاتله.

كان عليه أن ينخرط في سلامه الذي يعني تصفية قضيته.

لكنه و بتعنته المعروف لم يفعل ذلك.

كان على الفلسطيني أن ينخرط في الشرق الأوسط الجديد.

وفي المستقبل الخالي من فلسطين.

لكنه رفض ذلك للأسف.

وقد كان متوقعا أن يتم القضاء على مقاومته.

لكن ذلك لم يحصل.

كان متوقعا أن يأتي الوقت الذي سيتبرأ فيه الفلسطيني من مقاومته.

لكنه ظلت حاضرة للأسف الشديد في الأم. وفي الطفل. وفي العجوز.

وفي الطبيب.

وفي المسعف. وفي الموجة. وفي حبة الرمل. وفي الشاطىء.

وفي الحجر. وفي القضبان الحديدية. وفي الردم. وتحت الأنقاض.

وفي الأطراف المبتورة. وفي الدم النازف. وفي الدمعة.

وفي عيون البنات.

كان كل شيء للأسف في غزة يدين القاتل الإسرائيلي.

و كانت سماء غزة للأسف مع المقاومة.

وكان الهواء.

وكان البرد يدينه.

وكان رجل الدين في غزة. وكان سارق المساعدات الإنسانية. وكان اللص. وكان اليساري. وكان الكافر.

وكان العطش.

وكان الجوع.

وكانت الحياة في صف المقاومة.

ولم تنسحب الحياة للأسف.

ولم تخذل الناس في غزة.

واستمرت

منتصرة على الموت الذي كان يهطل على الفلسطيني

كل يوم

وكل ساعة

وكل دقيقة

ورغم ذلك ظل الفلسطيني المتعنت صامدا.

وهذا مؤسف

ولا يخدم الاستقرار في العالم

ولا يخدم النظرة الواقعية

ولا يخدم البراغماتية والنضج السياسي

ولا يخدم خطاب الأجندة والتبعية

وخطاب التكلفة.

ولا يخدم المشاريع.

كان على الفلسطيني أن يستجيب للإبادة

التي تفرج فيها الإنسانيون

والفلاسفة

والشعراء

والدول العظمى

والعرب

والعجم

لكن الفلسطيني لم يفعل ذلك للأسف

وظل موجودا

مستفزا كل من يتوقع نهايته الوشيكة

واقفا

فاضحا كل العالم

وكل البشر. وكل هذه الحضارة.