حميد زيد كود ////

جيد.

جيد جدا أن يكون الواحد منا يقظا. وحريصا على فضح زواج المال بالسلطة.

جيد جدا كل ما يكتب ويقال عن عزيز أخنوش.

وعن محطة تحلية المياه بالدار البيضاء.

وعن تفويت الصفقة لشركته.

وعن الدولة-الشركة.

جيد أيضا ما قام به حزب العدالة والتنمية.

الذي لم يفوت الفرصة.

وربح منها سياسيا.

وهذا حقه الطبيعي.

ومن صميم دوره.

ولا احتجاج لي عليه.

جيد جدا أن نتدرب على المعارضة

بفضح عزيز أخنوش.

والنيل منه.

جيد جدا أن نستعمله

كموضوع كي نبدو أبطالا.

ومستقلين.

ولنا رأي غير تابع.

جيد جدا أن لا نكون خاضعين لرئيس الحكومة.

جيد جدا أن نلجأ إليه كتعويض.

و أن نعارض به ما لا نستطيع معارضته.

جيد جدا أن نتمتع بذلك.

وننتشي.

كي لا نيأس.

وكي نمنح لوجودنا معنى.

جيد جدا أن نحذر من الخطر

الذي يشكله استغلال عزيز أخنوش لمنصبه الحكومي.

هذا كله جيد.

و ضروري. ويدل على يقظة.

وعلى وجود حياة في المغرب.

وأننا لسنا جميعا موتى.

وأن بيننا أناس أحرار.

وأن بيننا من لم يغره المال.

لكن ليعذرني المحللون.

والزملاء.

والمستقلون الذين يتباهون بعدم التبعية لعزيز أخنوش.

فموقفكم تنقصه الحبكة.

ولا يناسب بيئة مثل بيئتنا.

وديمقراطية مثل ديمقراطيتنا.

واقتصادا مثل اقتصادنا.

وعلى الواحد منا أن يكون ساذجا

حتى يصدق أن عزيز أخنوش

له كل هذه القدرة.

و له كل هذه السلطة.

وله اليد الطولى

كي يجعل مثل هذه الصفقات الكبيرة

ترسو عليه.

على الواحد منا أن يكون جاهلا

بكل شيء عن المغرب.

وبطبيعته.

وبديموقراطيته.

وباقتصاده.

كي يحذر من خطر عزيز أخنوش.

على الواحد منا أن لا يكون مقيما في هذه البلاد.

حتى يتحدث عن تنازع المصالح بكل هذا اليقين.

وهذه الثقة.

وبكل هذا الفصل بين السلط.

وأفهم أن يأتي هذا الرأي من غريب.

ومن شخص لا يعرف خروب بلاده.

بينما يبدو الأمر مضحكا

حين يأتي من مغاربة.

يعرفون المخزن. ويعرفون دولتنا المحترمة.

ويعرفون من يتحكم في الاقتصاد.

كما يبدو الأمر محزنا

حين يأتي ذلك من أشخاص المفروض فيهم

أنهم أذكياء.

وإذا كانت المسألة تتعلق بحاجتنا إلى المعارضة.

وبحرمان نعانيه في ما يخص أن يكون الواحد منا مستقلا.

وشجاعا. وغير تابع لأي جهة. كيفما كانت هذه الجهة.

فلا بأس.

ولا اعتراض لدي على ذلك.

و لنهجم جميعا على عزيز أخنوش.

ولنقل عنه ما نشاء.

و لنفضحه.

ولنحذر من مخاطر تحول المغرب إلى دولة تسيرها شركة.

كما يردد البعض ذلك ببراءة يحسدون عليها.

والحال أنه ليس ممكنا أن تكون بريئا في هذه الحالة.

البراءة في المغرب حين يتعلق الأمر

بمثل هذا الموضوع فيها احتيال.

وفيها خداع.

وفيها نية مبيتة.

البراءة هنا ليست براءة كما ندعي إلا إذا كان الواحد قادما من فنلندا.

ويجهل كل شيء عن المغرب.

ويجهل كيف يُسيّر هذا البلد.

ويجهل من يملك السلطة.

ويجهل كيف يتم التعامل مع رجال أعمال وأثرياء هذا البلد.

ومن يتحكم فيهم. ومن يسيرهم.

ومن يمنحهم الصفقات.

ومن يحرمهم منها.

وبهذه المبالغة في البراءة

فنحن نقلل من احترامنا للمخزن.

ولتقاليده.

ولقدرته الرهيبة على التحكم في فقرائه وأثريائه.

فالشجاعة لا تتجزأ.

وكم يبدو عزيز أخنوش فقيرا في هذه الحالة.

كم يبدو مفلسا.

وبلا سلطة. كم يبدو أنه صيد سهل.

ولا شك لدي أن عزيز أخنوش له مال كثير.

وله ثروة كبيرة.

وله ما لا أستطيع عده.

لكني لستُ مغفلا

ولا عبيطا

-وحتى لو كنتُ خصما له

وحتى لو كنت أُكنّ حقدا عليه

وحتى لو كنت عدوا له

وحتى لو كان بيني وبينه حساب قديم

– فأنا لست ساذجا

إلى درجة تسمح لي بتصويره كرجل ثري

يتحكم في المغرب

وفي الدولة كما يشاء.

وله القدرة على شراء ما يشاء.

كأننا في مغرب آخر.

وكأننا لسنا في المغرب الذي نعرفه.

وكأننا نسينا من نحن.

وما الذي بجعل منا استثناء.

أما كل هذه البراءة في التحليل وفي السياسة فهي دخيلة علينا

وتصور المغرب مثل أي دولة

يأتي أي ثري ويسيطر عليها.

وكأن هذه البلاد ليس لها رب يحميها.