حميد زيد – كود//

الشنّاقُ هو الذي يقف خلف ارتفاع الأسعار.

الشناق مشجب تعلق عليه الحكومة عدم قدرتها على لعب دورها.

الشناق يتهمه الوزراء.

الشناق خلف خروف العيد. وخلف السمك. و الطماطم. والبصل. والبيض. واللحم.

والجفاف.

والتخلف. والفقر.

الشناق خطير.

وإذا مرضت. وإذا سقطتَ. وإذا تأخرت. وإذا فشلت. وإذا أفلست.

وإذا كنت عاجزا.

فلا تتردد لحظة وقل إن السبب هو الشناق.

وقد أصبح المضارب والشناق على لسان كل وزير.

و لا أحد منهم يتحمل مسؤوليته.

ولا أحد يستطيع أن يفعل أي شيء.

الشناق هو سلطة خلف السلطة.

الشناق هو سلطة قاهرة للسلطة.

الشناق من خصائصه أنه لا يرى بالعين المجردة.

ولا يمكن لمسه.

ولا يمكن الحد من خطورته.

ولا يمكن القبض عليه.

الشناق هو نظرية المؤامرة التي تؤمن بها الحكومة المغربية.

وتحمله كل إخفاقاتها.

و إذا كان البعض يتهم الماسونية. والصهيونية. والجن. والغرب. والقوى الخفية. بأنهم يقفون خلف فشله.

فإننا في المغرب صنعنا المضاربين.

و ضخمنا حجمهم.

و جعلنا من الشناق وحشا.

و ليفياتان نقيضا لليفياتان الدولة.

ينظم حياتنا.

ويفرض علينا قانونه الخاص. وعقده الخاص.

وقد اتكأنا عليه. وسلمنا بقوته. واستسلمنا له.

إلى أن صار جوابا جاهزا لكل مسؤول.

وصار هو المتحكم في كل شيء.

وهو الذي يسير اقتصادنا.

وهو الذي يتحكم في أسواقنا. وفي نفسياتنا. وفي توترنا الاجتماعي.

وفي استقرارنا.

وفي رمضان.

وفي عيد الأضحى متعاونا مع حليفه الجفاف.

صار الشناق نظرية اقتصادية مغربية قائمة الذات تفسر الغلاء.

صار دولة داخل الدولة.

واقتصادا خفيا داخل الاقتصاد.

و يدا خفية تتعارك مع يد آدم سميث الخفية.

وفاعلا اقتصاديا شبحا. يربح. ولا يؤدي الضرائب. ولا يساهم في أي شيء.

ويتحكم في كل شيء

صار الشناق يعفي المسؤول من لعب دوره.

ومن تحمل مسؤوليته.

صار إيديولوجية لخطاب التبرير.

وما يميز الشناق أنه لا يمكنك أن تقول له توقف.

ولا يمكن للسلطة أن تتفاوض معه.

ولا يمكنها أن تجتمع به. أو تلتقيه.

وليس له مبعوثه الخاص. ولا ممثلوه.

وليس له وجه.

وليس له بطاقة تثبت هويته.

وليس له سجل عدلي لنعرف سوابقه.

وليس له أي أثر.

ولا يحاسب. ولا يعاقب. ولا يزجر. ولا يمس.

ولا يظهر للعيان.

لكنه حاسم. ومؤثر. وقوي. وضخم. وثقيل. وكثير. ومنتشر. ومتفش.

ويكفي الوزير أن يتهم الشناق ليتمتع بعدها بالراحة.

و ليعفي نفسه من مشقة الجواب.

والفعل. والمسؤولية السياسية.

ودون أن يدري الوزراء في الحكومة فإنهم يسيئون بذلك إلى الدولة.

ويعطون الانطباع بأن الذي يحكم الدولة هم الشناقة.

ولا دور للحكومة.

ولا دور للمراقبة.

ولا دور للقانون.

ولا دور لأي أحد.

وكما توجد دولة القضاة.

-ولو صحت كل هذه الاتهامات الصادرة عن الحكومة ضد المضاربين-

فإنه يمكننا دون تردد أن نعتبر المغرب “دولة شناقة”.

وهم الذين يحكمون.

وهم الذين يتحكمون في الأسعار. وفي القدرة الشرائية للمواطن.

وفي الوزراء.

وأمامهم تبدو الحكومة مغلوبة. ومثيرة للشفقة. وعاجزة.

وضعيفة.

وتشتكي بدورها مثل أي مواطن.

متهمة كائنات

وقوى خارقة شناقة

ظهر وزير في الحكومة وهو يستجديها

مستسلما

خاضعا لها

طالبا منها

أن تكف

وتشفق على المغاربة وترأف بحالهم

وتسمح لهم بشراء اللحم بأسعار معقولة.