حميد زيد – كود//
الإنسان ليس حيوانا اجتماعيا.
الإنسان ليس حيوانا ناطقا. ولا حيوانا سياسيا.
الإنسان ليس أي شيء من هذه التعريفات القديمة.
الإنسان ثبت اليوم أن شيء آخر.
الإنسان أكد اليوم أنه ميخّي.
الإنسان في كل مكان.
و بكل أصنافه. و أجناسه. وطبقاته. وانتماءاته. وأعراقه. ومعتقداته. وأديانه.
الإنسان. وسواء كان مسؤولا. أو غير مسؤول. ومهما. أو من أيها الناس.
وغنيا. أو فقيرا.
الإنسان ودون أن يرغمه أحد على ذلك.
وطوعا.
وعن طيب خاطر.
اختار وبشكل جماعي أن يصبح ميخّي.
ومن لم لا يتوفر على تطبيق الذكاء الاصطناعي ذاك الذي يجعل منه ميخّي.
فإنه يبحث عنه.
ويسأل. ويستفسر.
ويطلب من شخص تحول قبله إلى ميخي أن يدله على الطريقة.
وأن يمد له يد العون.
وأن يساعده على التحول إلى صورة تشبهه.
وهناك من هو مستعد إلى أن يدفع الثمن. وأن يدخل إلى النسخة المؤدى عنها.
ولا يهمه كم سيكلفه ذلك.
و مادام سينجح في أن يصير ميخّي فإن لا يهمه كم سيخسر.
والجميع.
والصغير والكبير. والذكر والأنثى. والمتعلم وغير المتعلم.
و الرئيس.
والعوام.
كل الناس في طور التحول.
و بعد كل التقدم الذي حصل.
وبعد أكثر من 300000 عام على ظهور الإنسان.
هاهي البشرية عن بكرة أبيها.
تهرب من وجهها.
وتحاول التحرر من وجودها الحقيقي.
لاجئة إلى نسخ لها.
وإلى شكل ثان لها في عالم مواز.
في عصر تعب الإنسان فيه من نفسه.
ومن عبء تحمل وجوده.
فقررت الإنسانية كلها. و بمجرد أن أتيحت لها أول فرصة. أن تتخلص من نفسها.
ولو بشكل مؤقت.
مكتشفة نفسها في شكلها الميخي.
ورغم كل جبروت الإنسان. وطغيانه. وغروره. وتطاوله.
وبعد كل الحروب التي خاضها.
وبعد كل القتل.
وبعد كل الدمار الذي تسبب فيه.
هاهو
يكتشف في النهاية حقيقته:
إنه مجرد ميخّي.
و من يقاوم اليوم.
ومن يرفض هذا التشابه المعمم.
وهذه الديكتاتورية الميخية
ومن يعتقد أنه لن يتبع القطيع.
ولن يذهب صاغرا إلى شات جي بي تي
ومن يقول: أنا لست ميخّي.
فإنه رغما عنه
سيجد نفسه. طال الزمن أو قصر
وقد استسلم
وصار بدوره ميخّي لنفسه.
ولن ينجو أحد
ولن ينفع تميز. ولا عصيان. ولا نزعة فردية. ولا هروب إلى الطبيعة.
ولا صعود إلى الجبل.
ولا لجوء إلى الأصل.
حيث كل شيء يدل على أن الحضارة حسمت أمرها.
و أن الإنسانية ماضية
إلى تفويض أمرها إلى بدائلها
وكل واحد
وكل فرد
وكل شعب
من الآن فصاعدا
هو ميخّي نفسه.