حميد زيد ـ كود//
المعتدل العربي الآن لوحده.
المعتدل معزول.
المعتدل الآن أمام فوهة المدفع.
المعتدل الآن في الجبهة الأمامية.
المعتدل الآن لا يعرف ماذا يقول للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
المعتدل الآن لا عكاز له.
وقد اكتشف المعتدل العربي الآن كم كان محور الممانعة يخدمه.
وكم كان في صالحه.
وكم كان يتكئ عليه.
وكم كان يعفيه من إبداء الموقف.
وبعد أن انهزم كل الممانعين تقريبا. وكل وكلاء إيران. وبعد أن فر الأسد.
وبعد أن لم يعد هناك محور ممانعة.
وبعد أن خلا الجو تماما لإسرائيل.
فإنه لم يعد للمعتدل أي حجة.
ولم يعد الاعتدال مقنعا كما كان في السابق.
وبعد أن فقد خصمه.
صار لزاما عليه أن يقف في وجه الاحتلال الإسرائيلي.
صار عليه أن يرفض التهجير.
ويرفض خطة ترامب لتملك غزة.
صار المعتدل لأول مرة مضطرا أن يقول: لا.
صار في وضع لا يحسد عليه.
صار اعتداله مهددا.
وصار لزاما عليه أن يثبت أن الاعتدال لا يعني ما كان يردده الممانع.
فلم “تعد” هناك حركة المقاومة الإسلامية حماس ليتهمها المعتدل بالمغامرة.
وباللا واقعية.
وبالتضحية بأرواح الأبرياء. وبالتطرف.
كل هذا فقده المعتدل العربي. ولم يبق إلا هو في الصورة.
وفي المواجهة المباشرة.
وحتى مسلسل السلام لم يعد موجودا.
وحتى حل الدولتين بدأ يختفي بالتدريج.
بينما المعتدل العربي. الواقعي. العقلاني. الناضج سياسيا. الحكيم. لا يزال يتهم الممانعة.
لكن أينها.
أينها هذه الممانعة التي لا يتوقف المعتدل عن مهاجمتها.
لقد زالت.
بينما المعتدل يحن إليها.
ليختبئ فيها.
وليحملها المسؤولية.
وليتهرب من إدانة المجرم.
ورغم أن الممانعة لم يعد لها أي وجود على أرض الواقع فإن المعتدل لا يزال يعتبرها عائقا.
ولا يزال يدينها.
ولا يزال يعتبرها عقبة أمام السلام. وأمام التعايش. وأمام الحل.
دون أي كلمة منه عن أصل المشكل الذي هو الاحتلال.
ودون كلمة منه عن جرائم دولة الاحتلال.
ودون أي إدانة لها.
ودون أن يكتشف المعتدل أن إسرائيل تستغله.
وتوظفه.
بينما هي لا تؤمن إلا بنفسها. وبالقتل. وبالتصفية.
وقد كان المعتدل مطمئنا.
كان مرتاح البال.
كان يتحجج بالممانع. ويتهوره. وبتبعيته.
كان الممانع يريحه.
كان يعفيه من الظهور.
كان المعتدل مقنعا إلى حد ما. وخطابه مقبولا كان. في ظل وجود محور الممانعة.
بينما لا شيء الآن.
ولا من يتهم المعتدل بالتفريط في القضية.
ولا من يخونه.
لا أحد
لا أحد
المعتدل العربي الآن لوحده في مصر والأردن والمغرب والسعودية…
يواجه ترامب
ويواجه إسرائيل التي تقف منتظرة خلف الباب
ولا من ينقذه
ولا من ممانع يزايد عليه
ولا من حماس
ولا من حزب الله
المعتدل الآن مضطر إلى أن يثبت للجميع
أن الاعتدال لا يعني الاستسلام
ولا يعني التآمر.
المعتدل الآن هو آخر ما تبقى
وعلى كل من يرفض الاحتلال أن يقف في صفه
وأن يشكل “جبهة إسناد” له
ويقدر صموده
ويدعم مقاومته.
أمام ما يتعرض له من ضغط من رئيس يعتقد أن كل شيء يشترى ويباع
وحتى الأوطان.
وحتى الشعوب.