حميد زيد – كود//
يظهر الشاب بلال وسط الأغنية. ليذكر المغني باللي فات.
وفي اللحظة التي يذكر فيها المغني اسمه.
تنفجر الأغنية من الداخل. و يبلغ تأثيرها ذروته. ويحدث ما حدث. وتنتشر هذه الأغنية في كل مكان. وفي المدارس. وفي شبيبة الأحرار. وفي التاكسيات.
وتسيح في العقول.
وتقتحم رؤوس أشد الناس وقارا و عمقا.
لكنها ليست المرة الأولى التي يدعي فيها شخص ما أن الشاب بلال هو الذي فعل فيه ما فعل. وأثار فيه الحزن. و قلب مواجعه. وذكره بالماضي.
وقبل أن يظهر بلال في الأغنية. وفي الطريق السيار. بينما السيارة تنهب الطريق. فقد كان في طنجة. وفي البرنوصي. وفي الحفلات. وفي الحانات. وبمجرد الاستماع إليه. تصيب من يستسلمون له حالة من الانخطاف.
ويشرعون في القيام بحركات غريبة. ويرقصون رقصا عنيفا. ويحنون رؤوسهم. فاتحين أذرعهم. غير منتبهين لما يحدث حولهم.
وبعضهم يقطع لحمه بشفرة حلاقة.
وبعضهم الآخر يبكي.
ومنهم من يسكر.
ومنهم من يذهب إلى ملعب محمد الخامس.
فما سر هذا التأثير الذي يمتلكه الشباب بلال.
ولماذا يذكّر دائما بالذي فات.
ولماذا تخرج من أغانيه شعارات الجمهور.
ولماذا يتسبب في كل هذا الحنين.
وفي وجع القلب.
ولماذا تصيب كلماته القلب المغربي. أكثر مما تفعله أي كلمات أخرى. رغم تأكيده أكثر من مرة أنها “كلها روايات”.
ولا يجب التماهي معها.
ولا انتزاعها من عالم الأغاني. والفن. للاستعانة بها في الواقع.
وفي النظرة إلى الناس. وإلى المرأة. والصداقة.
إلا أن ما أنقذ مهبول أنا. هو أن بلال في هذه الأغنية الذي وجد نفسها في وسطها . كان قادما من الماضي. ومستعادا. وليس بلال بداية الألفية.
وليس بلال في عز تأثيره.
وكان هناك حنين إلى الذي مضى وحنين في نفس الوقت إلى بلال.
ومحاولة لاستعادته من جديد.
وربما هذا العامل هو الذي أنقذ السيارة فلطوروت. و جعل الأغنية تكتمل و تصل إلى الجمهور الواسع.
ولولا ذلك لظل شباب التجمع الوطني للأحرار حزينا. يردد أغان وأناشيد يسارية.
و ألم يقل بلال للماضي: “دير رايك يا زمان”.
ومع ذلك. فقد كان لبلال مفعوله السحري. رغم أنه قادم من الماضي.
وقد حاول المغنون الاستفادة من تأثير بلال العجيب هذا
وكم من واحد سجل معه ديو غنائي.
لكن الوصفة لم تكن ناجحة.
أما أن تأتي به. وتضعه في أغنية. وفي سيارة مسرعة. والسائق يقول مهبول أنا. وتوظفه. وتذكر الناس به.
فهذا هو الخطر بعينه.
وهو الفن الذي لا يعير اهتماما للعواقب.
ويمدح السرعة
والتهور
والذهاب في الجنون إلى أقصى مدى
تماما كما نظر لذلك فيليبو توماسو ماريتيني وهو يكتب بيان المستقبليين عام 1909.
مادحا السرعة والسيارات وفتنة العنف
منتقدا الجمود السائد
لتظهر بعد أكثر من قرن
مستقبلية جديدة ومسعورة
تقود بسرعة مجنونة. ويذكرها بلال بالماضي.
في زمن مغربي بطيء
ولا يفتأ يكرر نفسه
ولا يحدث فيه شيء.