حميد زيد كود ////

من حسن حظنا كمغاربة أن عبد الإله بنكيران موجود بيننا.

فماذا لو لم يكن موجودا.

تخيلوا معي هذا المأزق.

تخيلوا معي كم كنا سنعاني شعبا ودولة وإعلاما و حكومة وأغلبية ومعارضة.

وفي وقت لم نعد فيه قادرين على انتقاد أي أحد.

ولا الاقتراب من أي موضوع.

فإن الله وهبنا هذا الرجل.

كي نعارضه.

وكي نحتج عليه.

وكي نحذر من خطورته.

وكي نتهمه بالتطاول على المؤسسة العسكرية.

وبما لا يخطر على بال.

إنه تعويض لنا جميعا في هذا البلد.

ولولاه لصمتْنا.

ولما عاد أحد يتكلم في المغرب. ولا أحد يكتب. ولا أحد ينتقد.

وفي أي مكان كان بنكيران.

وعلى رأس الحكومة. أو في صالونه. أو في حزبه. فإننا نحمله مسؤولية كل ما يحل بنا.

فيرد علينا.

ويلعب معنا هذه اللعبة.

وينفعل.

ويحرر بلاغا.

ونستعمله ككيس ملاكمة.

و نتظاهر لنخرجه من صحرائنا.

بينما هو لا يتعب.

ولا ييأس. ولا يفقد الأمل.

ولا ينسحب.

ويصور الفيديوهات مساهمة منه في خلق جو سياسي لا وجود له في الواقع.

إلا أن أكثرنا لا يقدر الدور الذي يلعبه بنكيران.

والتوازن النفسي الذي يخلقه.

فنحن نترك كل السلط. ونترك الحكومة. مجبرين. ونركز على بنكيران.

ولو لم يكن الأمين العام لحزب العدالة والتنمية متوفرا لنا.

لتوقفت مواقع.

و لاختفت أحزاب.

و لتبطل عدد كبير من الصحافيين.

و من الحداثيين الجدد الذي ظهروا مع صعوده.

ولأصبح من الصعب العثور على تعددية في المغرب.

ومن لا يصدق ذلك فليجرب شهرا في المغرب دون بنكيران.

و ليجرب مغربا خاليا من العدالة والتنمية.

ومن خطابه.

إننا. وفي هذه الحالة. لن نجد سوى الفراغ.

ولن تبقى سياسة.

ولن يبقى نقاش.

و ستصفر ريح في كل ربوع المملكة.

ورغم كل الهجوم عليه فإن خصومه في أمس الحاجة إليه أكثر من غيرهم.

و ببنكيران يتنفسون.

وبه يمنحون لوجودهم معنى.

أما الذين يتمنون التخلص منه. فهم يجهلون الدور الكبير الذي يلعبه.

وهذه الحركية التي يخلقها.

وهذه الحماسة.

وهذا الروح التي يبعثها في حقل سياسي ميت.

وفي صحافة ميتة.

وفي مغرب صار كل شيء فيه يأتي من الدولة.

وصار فيه معارض الحكومة هو محمد أوزين.

لذلك فإن حضور بنكيران يغطي على غياب أي صراع سياسي حقيقي في المغرب.

ويجعلنا ننسى أن الحركة الشعبية هي تلعب دور المعارضة.

و يجعلنا جميعا نعتقد بأن هناك تنافسا.

وأن هناك أحزابا.

والحال أننا يمكن أن نضع كل الأصالة والمعاصرة في التجمع الوطني للأحرار. وكل التجمع الوطني للأحرار في الأصالة والمعاصرة.

ولن يحس أحد بأي شيء.

ولن نفتقد لأي حساسية سياسية.

ولا لأي فكرة.

ولا لأي برنامج سياسي.

لأن الموجود هو برنامج واحد للدولة. وكل الأحزاب. بمختلف أطيافها. تتسابق لتطبيقه.

وكلنا في هذا البلد ديمقراطيون اجتماعيون.

وكلنا نناضل من أجل إرساء أسس الدولة الاجتماعية.

أي أننا في الواقع نتوفر على حزب واحد

له أسماء كثيرة.

ولا أحد يحذر الدولة.

بل أصبحنا نشجعها على الاستبداد

ونزين لها الوضع.

ونساعدها في توسيع مجال المؤسسات المقدسة.

التي لا يجب الاقتراب منها.

ولولا بنكيران

ولولا شغفه بما يقوم به

وعدم قدرته على الصمت

ولولا رده على كل من يهاجمه

لخجلنا من أنفسنا

ومن تراجعنا الديمقراطي

ولبدت لنا الدولة حاضرة في كل شيء

ولا أحد غيرها.

ولا رأي

ولا فكرة

ولا أحزاب تتنافس في ما بينها

ورغم كثرتها

ورغم أسمائها الكثيرة

فهي كلها تهدف إلى تنزيل الدولة الاجتماعية

وهذا ما يجعل بنكيران

ضروريا

ومهما

لنا

كي نتظاهر بأننا ديمقراطيون

وبأن حياة تدب فينا.

وبأننا لسنا موتى.