حميد زيد كود ////

لا شيء.

لا شيء البتة.

لم يكن في وسع مصطفى الرميد أن يفعل أي شيء.

إلا أن يستجيب لرغبة الحزب.

ورغبة الجهات.

فقد ألحت عليه الجهات. ولم يكن في وسعه أن يقوم بأي شيء إلا أن يستجيب لها ويقبل.

والجهات كثيرة. وهناك الجهات الأربع. وهناك الجهات الرسمية. والجهات العليا.

وهناك الجهات فقط.

والتي قد تكون موجودة أو لا تكون.

وهناك الجهات. هذه الكلمة الغامضة. والمفزعة. والتي لا وجود لها إلا في المغرب.

أما هو.

أما الرميد.

أما من ناحيته فلم يكن يطلب منصبا. ولا وزراة.

وكان متعبا. وغير راغب.

لولا الجهات.

والجهات هذه حين تلح عليك. فلا بد أن تقبل. وتنسى التعب. وتصبح راغبا.

آه يا جهات.

يا ذكية. يا مغرية. يا عفريتة. يا ممتلكة للقدرة على الإقناع.

ولولاك لما عاد الرميد.

وقد ذكرك في برنامج رضوان الرمضاني. ومعه عرفنا أن مصطفى الرميد مبدئي.

وخاصة حينما يتعلق الأمر بالديمقراطية. وبالولاية الثالثة.

أما تغييب الإرادة الشعبية.

أما إعفاء بنكيران.

فهذه مجرد تفاصيل. ولا علاقة لها بالديمقراطية. ولا تستحق كلمة من مصطفى الرميد.

أما تعريف الديمقراطية عند وزير حقوق الإنسان فيلخصها في ذهاب رئيس الحكومة السابق.

هذه هي كل الديمقراطية.

وهذه هي بدايتها ونهايتها.

وقد اختزلها في طرد بنكيران. واتخذ من المبدأ قضية القضايا.

وأصبح الأمر بالنسبة إليه مسألة حياة أو موت.

وإما أنا أو هو.

وله نماذج كثيرة في الفهم “المبدئي” للديمقراطية. وقد ذهب إلى أوباما. وإلى هولاند. وإلى ماكرون. وهو ما يعني أن الرجل ديمقراطي حتى النخاح.

وأنه في ورطة.

ويجد صعوبة في تبرير ما قام به.

ويظهر عليه التوتر.

بينما لم يسمع بما وقع.

ولم يسمع بالبهدلة التي تعرض لها حزبه.

وبضرب الديمقراطية عرض الحائط. وبعرقلتها. وباعتراض سيرها.

وبقطع الطريق أمامها. وبفرملتها.

وبالعودة إلى الصفر المغربي.

وهذا كله لا يعني المبدئي الديمقراطي. ولم يتحدث عنه. ولم يقف منه موقفا مبدئيا.

ولم يقل أنا مبدئي.

ولم تجحظ عيناه.

ومادامت الجهات هي التي طلبت منه أن يبقى وزيرا.

وأن يصبح وزير دولة.

فقد استجاب لها. وبطريقة مبدئية. وتفيض منها الديمقراطية.

وربما هي نفس الجهات التي صنعت البلوكاج. وخططت. وكتبت السيناريو.

ورغم ذلك فإنه لم يجد حرجا في ذكرها.

وتشعر أنه سعيد. وممتن للجهات. ويشكرها. لأنها رأت فيه الرجل المناسب.

واختارته.

ووضعت ثقتها فيه. وعولت عليه.

فالجهات هذه غارقة في الديمقراطية وتشترك معه في نفس المبدأ. وهما معا ديمقراطيان. ومبدئيان.

وقد وقع اختيارها عليه.

ولولاها لانصرف الرميد إلى حياته السابقة. ولعاد إلى مهنته.

لكنه لم يعد ملك نفسه.

وهو الآن ملك للجماعة. وللحزب. ولنا.

وللجهات.

آه يا جهات يا عفريتة.

من أين لك كل هذا الإغراء.

من أين لك يا جهات كل هذه الجاذبية.

من أين لك كل هذه القدرة الخارقة على أن تجعلي من مصفى الرميد مبدئيا. ولا يساوم في مبدئيته.

وديمقراطيا.

حتى أنه اقتنع أنه ضروري.

ورقم صعب.

وأن الدولة والوطن محتاجان إليه ليحمل هذه الحقيبة.

وأن لا أحد يمتلك مواصفاته.

حتى أنه صدقك يا جهات

يا جنية

يا من تكررين نفس اللعبة منذ الأزل.

وتنجحين فيها دائما.

وكبطل

يضحي من أجلنا مصطفى الرميد

ويتحامل على نفسه

ويصبر

ويستجيب رغما عنه.

ومن كان ليقنعه

لولاك

يا جهات

من كان سيفرجنا في هذه النسخة الثانية

المزيدة والمنقحة

من هذا الرجل.

من كان سيقنعنا أن كل شيء ممكن

وأن لا مستحيل

معك يا جهات

يا عفريتة

يا جنية

آه عليك

آه

يا جهات.