حميد زيد – كود//
ليس جيدا أن لا يغير المرء قناعاته.
و ليس من طبيعة الإنسان أن يبقى دائما على نفس القناعة.
ونفس الرأي.
ونفس الإيمان.
و يولد ويموت وهم متمسك بما كان يعتقد به.
لكننا في المغرب نعتبر الذي لم يغير قناعاته بطلا.
نعتبر ذلك شيئا إيجابيا.
ومفخرة.
نعتبره مقاومة. وصمودا. ونقاء.
ونمدح الذي لا يتزحزح عن موقفه قيد أنملة.
ويبقى كما هو. إلى أن يموت.
لا يؤثر عليه الزمن. ولا التقدم. ولا الأفكار. ولا الصدمات. ولا أي شيء.
فمع الوقت يصدأ الذي لا يغير قناعاته.
و يتزنجر.
ويتعرض للأكسدة.
لذلك على المرء أن يراجع نفسه دائما. ويشك في قناعاته. وينظفها. ويغسلها. ويختبرها أمام الواقع.
و يجربها.
ويكفر بها.
وإذا لم تعد صالحة فما عليه إلا أن يتخلص منها ويرميها في القمامة.
ويسخر منها.
و يحاسبها على كل الأذى الذي سببته له.
و يبحث عن قناعة أخرى.
على المرء أيضا أن يذهب إلى قناعات الآخرين.
وينفتح عليها.
ويسرق منها ما يحتاج إليه.
إلا أن الثقافة المغربية هي مع الثابت على الموقف.
ومع المتشبث بقناعاته.
ومع الجمود.
ومع غياب الحركة.
ومع إغلاق العقل بالقفل.
ومع الوقوف في نفس المكان.
وعلى نفس الرأي. إلى آخر نفس.
وإلى حشرجة الموت.
والويل لمن كان ينبض منا بالحياة.
والويل لمن يشك.
ولمن يتخلص من معتقداته.
ومن يقينه.
وأي خطوة. وأي حركة. من المتشبث بقناعاته. نعتبرها خيانة.
ونعتبر صاحبها متقلبا. و تحريفيا. وانتهازيا.
وغير ثابت على أي مبدأ.
والحال أن الحقيقة غير ثابتة.
ونسبية.
وما تظنه صحيحا اليوم قد يكون خطأ في الغد.
وكم من شخص غير قناعاته في السر. كي لا يكتشف الناس ذلك.
وخوفا من نظرتهم إليه.
محافظا على نفس مظهره السابق.
كي لا يتعرض للوم.
وكي لا يتهم بأنه باع “مبادئه”.
وكم من حزب لا يزال يحتفظ باسمه القديم رغم أنه لم يعد ماركسيا.أو اشتراكيا.
خوفا من المغربي الذي يريدك أن تبقى جامدا.
و محنطا.
ومنغلقا على نفسك.
ومنعزلا عن العالم. وعن الحياة.
كي
يمدحك حين تموت
ويقول عنك:
مات متشبثا بقناعاته.
ولم يتخل عنها
ولم يساوم عليها…