حميد زيد – كود//
لم يعد للدولة المغربية من يعارضها.
لم يعد لها من يصفها بالهزيلة. كما فعل فؤاد عبد المومني.
لم يعد للدولة من يقول لها: لا.
لم يعد للدولة من يراها زائلة. وعلى شفير الهاوية. ومهددة. وفاسدة.
لم يعد للدولة من يتوقع ثورة وشيكة عليها.
لم يعد لها من يحقد عليها.
لم يعد لها من يغار من انتصاراتها الدبلوماسية.
لم يعد لها من يحزن ويتألم يغضب كلما اعترفت دولة عظمى بمغربية الصحراء.
لم يعد لها من يطالب فرنسا بالاعتذار نكاية في الدولة المغربية.
لم يعد للدولة سوى فؤاد عبد المومني. والمعطي منجب. وأسماء أخرى قليلة. وتعد على رؤساء الأصابع.
وبدل أن تحميهم الدولة.
وتعتني بهم.
وتوفر له ظروف الاشتغال في معارضتها. لئلا ينقرضوا. ونفقد وجودهم بيننا.
تعتقل سلطتها كل مرة واحدا منهم. وتحاكمه.
وبدل أن تشجع فؤاد عبد المومني.
وتمنحه ما يريد من الحرية.
فإنها تفرط فيه وتسمح باعتقاله.
حارمة المغرب من القليل من المعارضة التي مازالت على قيد الحياة.
علما أنها نادرة
ولا أحد يضمن بقاء تواجدها في المستقبل..
ولو كتراث ثقافي وسياسي.
ولو كواجهة.
ولو لنقول للغريب نحن أيضا لنا معارضتنا.
وهذا غير جيد.
ويسيء إلى صورة الدولة. وإلى سمعتها. وإلى ديمقراطيتها. وإلى تعدد الأصوات فيها.
وبلاد بلا معارضة.
وبلاد كل شيء فيها جميل. ورائع.
وبلاد يسود فيها الإجماع هي في الحقيقة بلاد مريضة.
وأمام ندرة الأصوات المعارضة في المغرب.
فقد كان على الدولة أن تضع برنامجا لخلق نماذج كثيرة من فؤاد عبد المومني.
كان عليها أن تقوم بتربيته.
وأن تغرسه.
وتوفره في كل مكان.
وتسقيه.
بدل وضعه في السجن إلى غاية محاكمته.
لأن ذلك في مصلحة الدولة المغربية.
و يحسن صورتها.
و يمنحها معارضة تعول على العدل والإحسان.
و لأن دور فؤاد عبد المومني مهم. بغض النظر عن مواقفه. و أسلوبه في المعارضة.
ولا يكفي واحد منه.
بل تحتاج الدولة إلى ثلاثة. أو عشرة. أو أكثر.
ولن يصيبها أي سوء.
ولن تتأثر بمعارضتهم. و مناوأتهم لكل ما تقوم به.
وعلى ضمانتي.
و في وقت يمدح فيه الجميع الدولة.
و ينبهر بها.
وفي وقت يلتحق بها جميع معارضيها السابقين.
فقد كان من الأولى حماية فؤاد عبد المومني. ومن معه.
لأنهم قلة.
ونادرون.
ولأنهم ضروريون للدولة كي تكون كذلك.
وما دام لها موالوها.
فالمنطق. والحس السليم. يقتضي أن يظل لها من يناوئها.
كي لا يشك فيها أحد.
و كي لا يتهما أحد بأنها قضت على معارضة في المغرب.
وهي محظوظة لأن لها فؤاد عبد المومني.
وقد كان عليها أن تعض عليه بالنواجذ.
وأن تحميه من أي متابعة.
وأن توفر له الحرية.
وأن تدفعه إلى أن يتمادى في معارضته.
وأن يعير الدولة.
ويسيء إليها. ويتهمها بما يحلو له.
لأن فؤاد عبد المومني هذا
و بحدته المعهودة
وبالاتهامات التي يوجهها للجميع
وللصحافة التي لا تروق له
هو ملح الدولة.
وهي في حاجة ماسة إليه أكثر من كل من يدافع عنها.
فهم كثيرون
ويقفون في طابور طويل.
ويعرضون خدماتهم
لكن من أين للدولة بفؤاد عبد المومني
من أين للدولة بشخص مثله
من أين لها بمن يعوضه إن تم الزج به في سجن من سجون المملكة.
والحال أنها محتاجة إليه أكثر حرا
و طليقا
بغض النظر عن التهم التي تلاحقه
وبغض النظر عن نعته للدولة بالهزيلة
لأنها
وبالحفاظ عليه
وبمنحه حرية التقليل من شأنها
ستؤكد للجميع أنها دولة كبيرة
وعظيمة
ولا تلفت إلى الخلف
وإلى من يحاول بكل السبل أن يثيرها
ويستفزها.