حميد زيد – كود//

من الظلم لحميد المهداوي أن نظل نسجنه كلما أخطأ.

وكلما أساء لمسؤول.

أو لزميل.

فكل هذا الحبس. وهذه العقوبات. وهذا الحرمان من الحرية. كثير في حقه.

وفيه مبالغة.

وفيه شطط.

وفيه لعب بحميد المهداوي.

و مرة واحدة تكفي.

وحتى في تلك المرة الأولى فقد كان الحكم عليه مبالغا فيه.

كان قاسيا. و غريبا.

وحتى لو كان المهداوي لا يهاب السجن.

وحتى لو كان مستعدا له.

وحتى لو كان متعودا عليه. ويسعى إليه. ويحكي عن التجربة بإعجاب.

و حتى لو كان شجاعا.

وحتى لو كان متهورا.

وحتى لو كان يريد بأي حال من الأحوال أن يعود عليه.

فليس من الحكمة أن نسايره. ونستجيب له. ونمنحه ما كان يتمناه.

وليس حلا أبدا أن نرمي به في السجن للمرة الثانية.

لأننا لن نتوقف عن ذلك.

ولأننا سنظل نسجنه. ونسجنه. ونسجنه. إلى ما لانهاية.

وقد اخترع حميد المهداوي نوعا من الصحافة لا يمكن لممارسها أن ينجو منها.

ولا يمكن له أن لا يخطئ فيها.

ولا يمكن أن يخرج منها في كل مرة بريئا.

ولا يمكن أن لا يسيء فيها لأحد.

مهما كان حذرا.

ومهما كان مهنيا.

فالصحافة تحتاج كي تكون كذلك إلى مؤسسة. وإلى طاقم. وإلى رئيس تحرير.

لكن المهداوي لا يتوفر على ذلك.

وهو يشتغل لوحده. معدا. و صحفيا. ورئيس تحرير نفسه. ومؤسسة نفسه.

وطبيعي في هذه الحالة أن يخطىء.

وهذا لا يعني أن نسمح لأنفسنا بأن نجرب في حميد المهداوي العقوبات.

و أن نصنع بحالته القوانين.

والحدود.

ونعرِّفَ به التشهير والسب والقذف.

وما يجب. وما لا يجب.

ونتخذه مرجعا.

فحميد المهداوي صحافي. ومواطن مغربي. ولا يمكن أن نحوله إلى حقل تجارب.

وفي كل مرة نحاكمه.

وفي كل مرة نسجنه.

فكم عمر حميد المهداوي حتى نسمح لأنفسنا بأن ننتزع من حياته. ومن حريته. كل هذه الأعوام.

كم عمره حتى نسمح لأنفسنا بأن نبعده في كل مرة عن أولاده.

وعن أسرته.

وبأي حق نقبل أن نحرم صحافيا مغربيا من الحرية. و نسجنه. و نبعده عن أطفاله. لمجرد أن أخطأ مهنيا.

وأي قانون يقبل ذلك.

وأي عدالة.

بينما كان ممكنا أن يعاقب المهداوي. بألف عقوبة. غير كل هذا السجن الذي يتعرض له.

فقد صار حرمان الصحفي من الحرية سهلا في المغرب.

صار إجراء عاديا.

صار الحرمان من الحرية بجرة قلم.

صرنا مطبعين معه كأنه أمر عادي. وطبيعي. أن يظل حميد المهداوي. يسجن.

ثم يخرج من السجن.

ويشتغل لمدة. ويربح بعض المال. ثم نسجنه من جديد.

وهكذا

إلى أن يكف.

وليس لأن حميد المهداوي متوفر. وسهل. ويخطىء دائما.

وليس لأنه وجد اليوتوب

و وجد النقرات.

ووجد المواضيع.

ودخل إلى هذا العالم. و سيطر عليه. وصنع جمهورا يشبهه.

ليس لأنه متوفر. ومعنا. وقريب. وخطاء. حتى نظل نحاكمه. ونحاكمه.

متمتعين بذلك.

هذا ظلم في حق حميد المهداوي

وكثير

و يسيء إلى وزير العدل عبد اللطيف وهبي.

أكثر مما أنه ينصفه.ويعيد إليه الاعتبار.

ويسيء إلينا جميعا. صحافة. ومسؤولين. وبلدا.

وحتى لو ألحّ حميد المهداوي.

وحتى لو أصر على العودة إلى السجن

وحتى لو كافح من أجل ذلك.

فليس من المسؤولية في شيء أن نحقق له هدفه.

ونذعن له.

مع أن الأمر مستبعد

و حميد المهداوي على الأرجح مثل كل الناس

و تهمه حريته.

و يهمه أن ينام في بيته. وأن يأخذ أبناءه إلى المدرسة.

ولأنه رائد هذه الصحافة الجديدة

ولأن الحماسة تأخذه

فهو لا ينتبه

ولا يتوقع وجود شخص مثل عبد اللطيف وهبي كرامته هي فوق كل شيء

ومن أجلها يطالب بمبلغ خيالي

ويعود بصحفي مغربي إلى السجن للمرة الثانية.

كي يخرج منه

ويحكي لنا عن سردينة اشتراها من سجين بمائتي درهم.

والحال أنه لا جدية في كل ما يقع

من كل الأطراف.

ومن عبد اللطيف وهبي على الخصوص

المفترض فيه أنه مسؤول

ومدافع عن الحريات

ويزعجه أن يتعرض صحافي للسجن

فقط لأنه أخطأ. و أساء إلى وزير في الحكومة.