حميد زيد – كود//
الحداثي اليوم في المغرب لا يستطيع العيش دون إسلام سياسي.
وحين يبحث عنه ولا يجده يخترعه اختراعا.
ويصنعه من لا شيء.
و من جملة عابرة.
ومن بقايا وآثار حزب إسلامي.
ومن فتات تجربة.
ويرقع أي إسلام سياسي. و يرتقه. وينفخ فيه. ويضخّمه. ويسقيه. كي يخلق خصما له.
ومنذ أن سقط حزب العدالة والتنمية سقطته الانتخابية المدوية.
وجد الحداثي المغربي نفسه وحيدا.
وليس له من يحاربه.
وليس له نقيض.
وليس له خصم.
وليس له ما يشغل به نفسه. ويبرر به وجوده.
فأخذ يحارب طواحين الهواء.
ويفتش في كل مكان عن إسلام سياسي مغربي منظم يهاجمه.
ويخوض معارك معه. لكنه لا يعثر عليه.
كما أن الحداثيين الذين اخترعتهم السلطة في وقت من الأوقات لمواجهة الإسلامي.
وجدوا أنفسهم. فجأة. عاطلين عن العمل.
ولا دور لهم. فزادوا بذلك من أزمة البطالة التي يعاني منها المغرب.
وصار السوق لا يشغل الحداثيين. والليبراليين. واليساريين.
لتظهر مهن أخرى مطلوبة.
وسوق كبيرة تشغل الموريين. واليمين القومي المغربي.
ولا تقبل الحداثي غير المؤهل إلا إذا تطرف جهة اليمين.
ومدح الجمجمة المورية.
ولذلك. وحين يطل أي إسلامي.
وحين نراه قادما.
وحين تطفو على السطح أي فكرة محافظة. وأي موقف رجعي.
نتحلق حولها
و نتخاطفها.
و نتشبث بصاحبها. ونجره إلى الحلبة. كي لا يفلت منا. وكي لا يختفي.
فلا أحد كان يتوقع أن يختفي الإسلاميون دفعة واحدة.
ولا أحد فكر في بديل لهم.
إلى أن استفاق الحداثي المغربي ووجد نفسه وحيدا.
في صف السلطة. ومنسجما معها.
ورغم أن السلطة بطبعها محافظة فهو غير مستعد لأن يفسد علاقته بها.
ولا أن يواجهها.
فيبحث جادا عن الإسلامي.
ويفتش عنه.
ولو كان الإسلامي يباع لاشتراه الحداثي المغربي.
ولو كان الرجعي يباع بالثمن الخيالي لدفع فيه السعر الذي يطلبه
ولو كان يستورد من الخارج لاستورده.
ولو كان يطبخ لطبخه.
ولو كان يكون في الأكاديمية لكونه.
ولو كان يربى لرباه.
لأنه في أمس الحاجة إليه.
ولأن الإسلامي ضروري جدا للحداثي.
وبه يحيا.
وبه يمنح معنى لوجوده السياسي.
وأمام غياب حزب إسلامي قوي في المغرب.
وأمام تبخر حزب العدالة والتنمية
صار الحداثي
يختلقه اختلاقا
ويحذر منه
ومن تطرفه. ومن تشدده الديني
لكن أينه
أينه الإسلام السياسي
من يدلنا عليه.
من يملأ الفراغ الذي تركه في الساحة
تاركا الحداثي وحيدا
يتخيل
واقعا لم يعد موجودا.
ظنا منه أن الماضي هو الحاضر
وأن لا شيء تغير.