حميد زيد – كود//

يجزم الزميل عبد الله الترابي. أننا جميعا كصحافيين. سننقرض بعد خمس سنوات من الآن. على أبعد تقدير.

وأن الذي سيعوضنا.

ويحتل مهنتنا.

ويحصل بدلنا على زيادة في الراتب على دفعتين هو الذكاء الاصطناعي.

ولأنه متأكد من ذلك فهو يدعونا إلى نكف عن التنابز بالألقاب.

وعن مناكفاتنا غير المجدية.

وعن هذه المعارك التي نخوضها ضد بعضنا البعض.

ما دمنا أننا سنختفي جميعا. مهنيين وغير مهنيين. وتافهين ورصينين. وأقلاما حرة. وجبانة.

و سنطرد في نهاية المطاف من هذه المهنة شر طردة.

وأنا أتحدى عبد الله الترابي وأقول له إن هذا لن يقع في المغرب.

وأتحدى أيضا كل من صدق نبوءته.

وإيمانه بالنهاية.

وقال له برافو. وصفق له.

وقد يحاول الذكاء الاصطناعي و خوارزمياته وقواعد بياناته أن يهجموا على زملائنا في العالم.

لكنهم لن يتمكنوا من احتلال الصحافة المغربية.

وسيعود هذا الذكاء من حيث أتى خائبا. منكسرا. ذليلا. و مهزوما.

معترفا بفشله.

معيدا حساباته.

شاكا في ذكائه. وفي قدراته.

وهذا ليس غرورا. ولا مبالغة في الثقة. والتفاؤل. ولا إنكارا للواقع.

و إنما لأن الصحافة المغربية عصية على أي احتلال كيفما كان نوعه.

وعصية على أي ذكاء اصطناعي.

ولأنها لها خصوصيتها. ولأنها تنتمي إلى بلد هو استثناء في كل شيء.

ولأننا محصنون.

ولأننا ومهما تخاصمنا فالنادي يجمعنا في الرباط وفي الوازيس.

وحينما يهددنا عدو خارجي فإننا نترك كل خلافاتنا جانبا.

ويحضن حميد المهداوي يونس مجاهد.

وأحمد نجيم موقع 360.

وقد يقضي الذكاء الاصطناعي على الصحافة الكندية.

أو الإنجليزية.

أو الأمريكية.

بينما الصحافة المورية لحمها مر. وستبقى صحافة إنسانية. خطاءة. ونسبية. وناقصة. وتحتمل الخطأ والصواب.

وستظل في مواجهة الآلة.

و الخوارزميات.

وستبقى مدافعة عن البعد الإنساني. ولو مات كل الزملاء في العالم.

وما يؤسف في نبوءة عبد الله الترابي المتعلقة بفناء مهنتنا. والمروجة لنظرية النهايات. أنه يعرفنا جيدا في موقع كود.

ويعرف يقينا أن الذكاء الاصطناعي عاجز أمامنا.

ولن يفهم مهما تذاكى لغتنا. والفراغات التي نتركها في الخبر.

ولن يقدر أن يصحح الأخطاء التي نرتكبها.

ولن يقدر على تعويض أي واحد منا. ولا على تقليد خطنا التحريري.

لأن الذكاء الاصطناعي يدعي أنه مكتمل.

وعقلاني.

ومبرمج.

بينما نحن ضد الاكتمال. وضد البرمجة. وضد أن يتحكم فينا العقل البشري.

فما بالك بالاصطناعي.

وحتى لو تمكن من ذلك. وحتى لو قام بتصفيتنا. فإنه سيصنع موقعا آخر. لا علاقة له بكود.

موقعا لا روح فيه.

ولا أخطاء.

ولا قراء فصاميين يتابعون كود ويدمنون عليها ليشبعوا فيها شتما.

وهذا كله يعرفه الصديق عبد الله الترابي. لكنه يتغاضى.

مروجا للنهاية.

مثيرا الخوف في النفوس الصحافية الضعيفة.

وقد ينجح الذكاء الاصطناعي في اختراق بعض المنابر التي لا يميزها أي شيء.

ولا خصوصية لها.

هذا ممكن.

لكنه سينسحب مضطرا.

بعد اللخبطة التي سنحدثها في خوارزمياته. التي ستمرض. وستصاب بالهلاوس الصحفية المغربية التي لا علاج لها.

وحتى لو سلمنا بالنهاية التي تنبأ بها الزميل عبد الله الترابي.

و حدد لها تاريخا وموعدا.

فهل يفترض ذلك أن المخزن هو الآخر سيصبح مخزنا اصطناعيا.

وأنه سيتكيف.

بينما كل من خبر المخزن يعرف أنه من لحم ودم. ولن يقبل أن يتحول إلى مخزن اصطناعي.

ولن يرضى أن يضيق على خوارزمية.

ويضبطها وهي متلبسة بالجرم المشهود مع خوارزميات أجيرات يشتغلن عندها.

ولن يفرط فينا.

و سيعض علينا بالنواجذ. بمن فينا خصومه. ومعارضوه.

ثم هل يستطيع الذكاء الاصطناعي يا عبد الله أن يكون صحافيا عياشا.

هل يستطيع أن يكون مأجورا.

أنا أسألك يا عبد الله لأنك منبهر بقوته وبجبروته.

هل يستطيع أن يكون قلما حرا. و شريفا.

هل يستطيع أن يصمت كما نصمت نحن.

وهل يمتلك القدرة على فهم ما يحدث في المغرب.

و أن يتخصص في الأجهزة وصراعاتها.

وأن يصنعها من بنات أفكاره.

هل يمتلك القدرة أن يأتي بخبر عن مستشار جماعي في قرية صغيرة بينما هو مقيم في كندا.

وهل يجرؤ أن يصنع كل هذا المحتوى الذي نصنعه في المغرب.

إلى حد الغرق.

والجواب هو لا.

قل يا عبد الله هل يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يحاور مثلا أحمد ويحمان.

هل يستطيع أن يحلل مقالا واحدا لإلياس العمري.

هل يستطيع أن يتتبع المسار السياسي الحافل للطاهر شاكر.

هل يستطيع أن يشتغل في رمضان مثلما نفعل نحن.

هل يستطيع أن يتحمل ما يتحمله الصحافي المغربي وهو يردد كل سنة ما قاله في رمضان الماضي عن السيتكومات.

هل يستطيع أن يقاوم الضجر.

هل يستطيع أن يكرر نفسه إلى ما لا نهاية مثلما نفعل نحن.

هل يستطيع أن يدمج ثوار حركة 20 فبراير ويصنع منهم زملاء له.

وأتحداه أن يمارس مهنة الصحافة في بلاد لا يحدث فيها أي شيء سياسيا.

و أن يجتهد كما نفعل. ومن لا شيء يصنع خبرا.

ورأيا.

وأتحداه أن يواجه خرجة واحدة من خرجات عبد الإله بنكيران.

وأن ينفي عنه التهم التي سيوجّهها إليه.

وبغض النظر عن الخلافات التي بيننا نحن الزملاء.

وبيننا وبين المؤسسات التي تمثلنا.

و مهما تذاكى الذكاء الاصطناعي فإنه سيقف عاجزا أمام قدرات ومواهب الزميل حميد المهداوي.

ولن يقدر على مسايرته.

وهذا هو ملح الصحافة المغربية.

وهو أن تعطس و تتجشأ في منتصف البرنامج.

بينما لن يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يتجشأ في منتصف المقال.

وهو أن لا تخذل متابعيك وجمهورك. وتطل عليهم من سريرك وأنت مريض. وبين الموت والحياة.

ومن سيارتك تصنع تحقيقا.

وسبقا صحفيا.

فهل بمقدور الذكاء الاصطناعي أن يمارس الصحافة بهذا الشكل.

هل بمقدوره أن يضحي بذكائه متحديا المرض.

و لنسلم بقوة الذكاء الاصطناعي.

فمن أين له برئيس للمهنيين.

و ليجرب أن يصنع واحدا مثله. و بنفس خصائصه. ومميزاته.

ومهما حاول فإنه سيفشل.

و لتجرب المؤسسة التي سينشئها الذكاء الاصطناعي لتنظيم المهنة أن تحارب التفاهة.

لتجرب أن لا تضحك وهي تفعل ذلك.

ومن أين للذكاء الاصطناعي بدولة تمنح رواتب الصحافيين الذين من المفترض أن يراقبوا سلطتها.

من أين له بدولة تؤمم المهنة.

من أين له بدولة تعتني بنا. وتربت علينا. كي نحتج عليها.

وحتى لو استسلمنا له نحن الصحافيين. فإن الذكاء الاصطناعي سيبقى عاجزا أمام الدولة المغربية.

التي تمنح المال لمن من المفترض فيه أن يكون مستقلا عنها

وحرا.

محققة تناغما بين سلطتين لا يمكن أن يتحقق في أي مكان في العالم.

مدمجة السلط في بعضها البعض. والمهن. والقطاعات.

وإذا كان من المحتم أن تنتهي مهنة الصحافة في المغرب وتعوضنا الآلة.

فهذا يسري على الجميع.

ولذلك فإنه من المستبعد أن يعوض المخزن مخزن اصطناعي.

ومن المستبعد أن يأتي مواطن اصطناعي بدل المواطن المغربي.

ومن سيقول حينها للمغاربة الذين من ذكاء اصطناعي خوتي المغاربة.

وهل سيتجاوبون معه.

ولا شك أن الذكاء الاصطناعي سيصيبه الجنون.

وحتى لو قاوم هذا الوضع المغربي وبالغ في ذكائه.

فإنه لن يستوعب كيف يرتدي بعض الزملاء في كل مناسبة لمؤسسة الأمن الوطني بذلة مكوية بعناية. واضعين ربطة عنق.

حاضرين في حفل مع رجال الشرطة.

كما أن الذكاء الاصطناعي لن يقدر على التقاط صورة مع عبد اللطيف الحموشي.

ونشرها في صفحته في الفيسبوك.

سعيدا بهذا الإنجاز.

وسيتردد قبل أن يقدم على هذه الخطوة لأنها تمس استقلاليته.

لكن الصحافي المغربي لا يهتم بذلك.

كما لن يقبل من صنع الذكاء ومن يتحكم فيه

أن يشتغل في موقع هوية بريس.

لأنه في نظره متشدد.

و أي صحافة في المغرب دون هذا الموقع السلفي.

ومن ينعى الحويني.

ومن يحارب بني علمان حين سيحل الذكاء الاصطناعي محلنا.

ولن يتخيل أحد ذكاء اصطناعيا له هموم وانشغالات من يشتغل في هوية بريس.

وربما أخذتك الحماسة يا عبد الله وأثر عليك ما تطالعه وما تتابعه

ونسيت قوة المغرب

وقوة صحافته وخصوصيتها

وأن كثيرين حاولوا على مر التاريخ أن يحتلونا

ويعوضونا.

لكنهم لم ينجحوا

وعادوا من حيث أتوا يجرون ذيول الخيبة

و بضحكة واحدة

وبسؤال محرج من الزميلة بشرى الضو

وبغمزة

وبحركة مغناج منها

سوف يخر الذكاء الاصطناعي صريعا.

وقد صنعناها من كهرباء مغربي خالص

ومن طاقتنا المحلية

وانطلاقا من تجربتنا الخاصة

وهي بنت العبقرية المورية

قبل أن يظهر هذا الذكاء الاصطناعي

الذي تقول يا عبد الله إنه سيقضي علينا

مستسلما

خاضعا له

معلنا قدومه

وأنه علينا أن نكف عن الضرب في بعضنا البعض

لأن نهايتنا وشيكة على يديه

متحدثا بيقين

جاعلا من جمهورك ومتابعيك يعتقدون أن ذلك سيقع فعلا

وأنها مسألة وقت فحسب

لكن هيهات هيهات.

وعلى جثتي يا عبد الله. يا الترابي.