هشام أومنصور//

عندما قرأت مقال “لماذا يكرهوننا” لجون واتربوري عام 2003 لم أتخيل أني سوف أكتب مقالا بنفس العنوان في 2023 حول المغرب والجزائر. واتربوري قال آنذاك أن العداء لأمريكا في دول الشرق الأوسط يقابله إعجاب بمؤسساتها وقوتها الناعمة ما يدفع حتى بالإسلاميين لإرسال أبنائهم للدراسة في أمريكا.

بالنسبة للجزائر هناك إعجاب بالتراث المغربي من لباس وطبخ وموسيقى ومعمار لم يتوانى الراحل بوتفليقة في التعبير عنه مباشرة لما زار قصر المشور في تلمسان قبل حوالي 11 سنة، وقال في مقطع نقله الإعلام الرسمي أن المغاربة استطاعو الحفاظ على التراث المعماري وأن على الجزائريين الاقتداء بهم. بل أن تقاليد العرس المغربي والألبسة التقليدية تزخر بها أسواق الجزائر مع تحمل المستوردين الجزائريين من أسواق الصناعة التقليدية المغربية أعباء الحدود المغلقة لإيصال السلع لآلاف الجزائريين.

لكن هل يمكن للإعجاب أن يتحول إلى حقد؟ نعم بالتأكيد. إلى عهد قريب بقيت الجزائر مرتبطة بالعنف والاقتتال الداخلي لدى الرأي العام العالمي، بخروجها من حرب طاحنة مع فرنسا ووقوعها تحت أيدي الانقلابيين العسكر وما تلاه بعد ذلك من حرب أهلية راح ضحيتها أكثر من 200 الف نسمة. في ذلك الوقت كان العديد من الجزائريين في الخارج يصفون انفسهم بمغاربة لتجنب الصور النمطية وكان المغرب المتنفس الوحيد لجزائريي المهجر لزيارته والتمتع بأجواء قريبة من أجواء البلاد.

وكان الجزائري في المهجر لما يريد دعوة شخص ما  يدعوه إلى المطاعم المغربية الراقية المنتشرة في كل أنحاء أوروبا.

الجزائر التي كانت ايالة تركية سابقة قبل أن تصبح مستوطنة فرنسية بقيت تنظر إلى المغرب بكونه مركز الثقل التاريخي والحضاري بل كان المغرب بتشبته بتقاليده نوعا من الذاكرة الهوياتية التي يبحث فيها الجزائري عن ذاته التي استلبها الاستعمار التركي والفرنسي.

لكن هذا الانبهار سرعان ما سيتحول إلى محاولة لقتل الأب أي المغرب بمفهومه الفرويدي في مقابل التتيم بالأم أي فرنسا ومنه محاولات السطو على القفطان والمعمار المغربي الذي لا يوجد إلا في تلمسان المدينة التي حكمتها المملكة المغربية سابقا.

إن قتل الأب مقابل الانبهار بالأم صانعة الحدود الحالية سيدفع بالقادة الجزائريين الحاليين ومعظمهم في عقده الثامن إلى السعي لفك أي ارتباط مع المغرب تاريخيا كان أو ثقافيا بنفي المغرب وكأنه لا وجود له في سياق دق طبول الحرب مع المغرب، الذي عاشوا طيلة حياتهم وهم يتألمون من المقارنات معه أمنيا وسياحيا واقتصاديا وثقافيا وتاريخيا.

قتل الاب سينتج عنه جزائر لاتعرف المغرب جيدا ولاتاريخه! جزائر تدعي أنها أصل القفطان والزليج رغم أنهم يستوردونه من المغرب! جزائر تنظر إلى فرنسا التي تبادلها الحب بالكره! جزائر نفسيا معقدة تعيش في الماضي وتخاف من الماضي! جزائر تحاول إعادة كتابة التاريخ بأقلام تافهة! جزائر تنكر الواقع وعلى مشارف تكرار الماضي للأسف.