حميد زيد – كود//

كل الفيلر الموجود في العالم.

كل الاحتياطي المتوفر منه.

شفطته مقدمات الأخبار في قنوات الجزيرة والعربية وسكاي نيوز.

وهو في شفاهن التي تتدلى من الشاشة.

وفي خدودهن.

وفي عيونهن. وفي نظراتهن. وفي أجفانهن. وفي كل مكان منهن.

وإذا استمرّت عملية حشوهن للفيلر. فإنه لن يظل متوفرا. لكل نساء الكون.

وسيصبح مع الوقت نادرا. وغير متوفر للجميع.

وسيشار إلى صحافياتنا المتألقات بالإصبع.

و سيصبحن متهمات.

كأن الفيلر هذا خط تحريري في فضائيات الأخبار العربية.

وكأنه يساعد على الالتزام بأخلاقيات المهنة.

وكأن من لا فيلر لها لا مهنية لها.

ولا حضور لها.

وكأن من يشغلهن في هذه القنوات يفرض عليهن هذه الحقن.

ويشترط عليهن هذا الجمال المتدلي.

وأمام ما يحدث من تقتيل يومي في فلسطين.

وأمام صور الموت.

وأمام جدية وتدين والتزام أحمد الشرع.

تبدو صحافيات الجزيرة والعربية وسكاي نيوز مستفزات.

وهن يبتسمن للفاجعة. وللمأساة. وللمجازر.

وللقصف.

وللصواريخ. وللدويري. ولأبو عبيدة. وللدمار. وللحوثيين.

دون تأثر منهن.

وحتى لو حاولن أن يبدين تأثرهن . فإنه شفاهن المحقونة بالفيلر لا تسعفهن.

فيبدو الحزن في العينين.

بينما الشفة مندفعة. وخليعة. وكأنها في حفل في بيروت. وتريد أن تشفط المقاوم. والمال. والخبر. والعربية الفصحى. والدوحة. ودبي.

والمراسل في إدلب.

والخبير في لندن.

والمحلل الاستراتيجي في عمان.

و تريد الصحافية أن تكون محشوة أكثر من زميلتها.

تريد أن تتفوق عليها.

تريد أن يكون كل الفيلر لها.

وتريد أن تلزق شفتها بالكاميرا.

وبعين المشاهد.

تريد أن تشفط كل المتابعين العرب من الشام لبغدان ومن نجد إلى يمن إلى مصر فتطوان.

وربما الذوق الخليجي والمشرقي هو الذي يفرض الفيلر على زميلاتنا.

وهو الذي يدفعهن دفعا إلى الابتسامة البلهاء للحرب.

وإلى غمز المقاومة.

بينما لا تظهر الشفاه المنفوخة بالفيلر مثلا في قناة فرانس 24.

رغم أنها ناطقة بالعربية.

ولا في البي بي سي. ولا في الدويتشه فيله.

ورغم خط تحرير هذه القنوات الأوربية المنحاز لإسرائيل.

لكنها تبقى منسجمة مع نفسها.

ومع توجهات حكوماتها.

و بلا شفاه متدلية تضحك للموت دون أن تشعر بذلك.

ويسيل منها رضاب لاستمالة الدمار.

بينما لا أحد ضد أن تكون مقدمة الأخبار جميلة.

لكنهن في الجزيرة والعربية وسكاي متطرفات في التجميل.

ومتشددات في عدد الحقن.

ولا يتنازلن عن حشو الفيلر

فيخرج من الشاشة

ومن الحوارات

ومن المباشر

ومن الموقف

و ينفر الشعوب العربية

التي تواجه العدو من جهة

وتواطؤ العالم

وتواجه هذه الشفاه الصديقة المتدلية

و التي لا أحد يعرف ماذا تريد صراحة من المواطن العربي

حتى تندفع في اتجاهه

وتقترب منه إلى هذا الحد.

كما لو أنها تنوي ابتلاعه.