محمد فكراوي
—
“كنز تقدر قيمته بالملايين و ربما بالملايير تم دفنه حديثا في صندوق تحت إحدى المنازل بخنيفرة و اللي لقاه غادي يتغْني ايلا غْناه الله”… هكذا يتهامس فيما بينهم هواة و محترفو التنقيب عن الكنوز بالإقليم و خارجه. و بين مرتاب و مصدق لإشاعة الكنز تحول سعي البعض إلى العثور على الصندوق إلى هوس حقيقي يسيطر على عدد من الحالمين بالثروة و الاغتناء السريع.
قصة الكنز، كما يرويها مهتم بعالم الكنوز شدد على عدم الكشف عن هويته، بدأت أواخر سنة 2011 في عز الحرب الأهلية التي اندلعت بليبيا خلال الأيام الأخيرة لحكم العقيد معمر القذافي. يومها و وسط الفوضى التي رافقت عملية إجلاء الآلاف من أفراد الجالية المغربية العالقين بالديار الليبية إلى أرض الوطن، تمكن مهاجر مغربي ، ينحدر من خنيفرة، من استغلال الوضع المتأزم، و نجح في تهريب حقيبة سفر مملوءة عن آخرها بسبائك من الذهب و الحلي و المجوهرات و مبلغ ضخم من العملة الصعبة، يضيف ذات المصدر.
المهاجر، و بعدما نجح في الوصول إلى مسقط رأسه سالما غانما، سيقرر الاحتفاظ بالسر لنفسه و عدم إخبار أفراد عائلته بسر الحقيبة الثمينة، التي تحولت على ما يبدو إلى عبء على الرجل جعله يعمد لاقتناء منزل خاص به، مدعيا رغبته في الاستقلال بنفسه استعدادا للزواج و التأسيس لأسرة صغيرة. دون أن يعلم حتى أقرب الناس إلى قلبه أن الغاية من اقتناء المنزل كانت تحويله إلى مخبأ آمن للذهب الذي حمله معه المهاجر من بلاد طبرق إلى حاضرة زيان.
و دارت الأرض مرات و مرات… قتل الثوار القذافي و غيروا النظام في طرابلس… كل شيء تغير هناك، و ظل شيء واحد عصيا على التغيير هنا: حال المهاجر الذي نذر حياته لحراسة الكنز و المنزل الذي دفنه به.
وضع لم يدم طويلا، إذ فجأة و بدون سابق إنذار أعلن الرجل لعائلته أنه مضطر للعودة إلى ليبيا في زيارة خاصة يقضي خلالها بعض الأغراض على أن يعود نهائيا إلى المغرب بعد تصفية أموره العالقة هناك. لكن قدّر الله و ما شاء فعل، ففي الوقت الذي كان الأسرة تترقب عودة ابنها النهائية بعد سنوات من الاغتراب، سيصل بدلا عن ذلك نعي هذا الأخير الذي قضى نحبه في ظروف غامضة بالديار الليبية…
مات المهاجر بطرابلس و دُفِن هناك و لكن سر الكنز لم يُدفن معه… فبعد مرور وقت على بيع المنزل من طرف الورثة جاهلين بسر صندوق الذهب المدفون تحته، حملت أنباء قادمة من ليبيا انباء تزعم بأن هناك صندوقا تقدر محتوياته بالملايير مدفون اسفل منزل ما بخنيفرة… أنباء تلقفها عدد من المهتمين بعالم الكنوز الذي جعلوا من حلم العثور على الذهب الليبي شغلهم الشاغل، لدرجة أن بعضهم، يضيف المصدر، بات مقتنعا بأن الكنز المزعوم يعود لأحد المقربين من العقيد معمر القذافي و أنه كان سبب العودة المفاجئة للمهاجر إلى ليبيا و وفاته هناك.
و شيئا فشيئا تحولت إشاعة الكنز المزعوم إلى هوس جماعي يسيطر على عدد من هواة و محترفي التنقيب عن الكنوز، حسب ذات المصدر، الذي شدد على وجود صنفين من هؤلاء: صنف سمع القصة و صدّقها و لكنه لم يتمكن بعد من تحديد عنوان منزل الكنز، و صنف ثان نجح في ذلك و تقدم بعرض للسيدة التي اقتنت المنزل يعرض عليها فيه بيعه مقابل 140 مليون سنتيم و هو ما يمثل ضعف المبلغ الذي دفعته هذه السيدة عندما اشترته من ورثة المهاجر.
و لكن هذه المحاولة سرعان ما باءت بالفشل بسبب تشبث السيدة بالمنزل و تأكيدها عدم تفكيرها في بيعه حاليا، دون أن يكون ذلك كافيا لردع مطاردي الكنز الذين قد يتقدمون بعرض أكثر إغراء لمالكة العقار المذكور من أجل بيعه، حسب ذات المصدر الذي يعترف بأن قصة الكنز الليبي تعتريها عدد من نقط الضعف تجعله يعتقد أن الأمر لا يعدو أن يكون إشاعة و سيناريو محبوك لأهداف تجارية قد يكون الغرض منها بيع المنزل المذكور بثمن خيالي…
للإشارة يتزامن الحديث عن إشاعة وجود “كنز للقذافي” مدفون بخنيفرة و تداول وسائل الإعلام، مؤخرا، لتقرير أممي كشف أن حوالي 560 مليون دولار من أموال الزعيم الليبي الراحل كانت معدة للتهريب إلى المغرب بعد أن انتهى ليبيون في العاصمة البوركينابية واغادوغو من كل الإجراءات القانونية واللوجيستية لنقلها في صناديق ضخمة عبر شركة يوجد مقرها في سلا الجديدة، و أن كنوز القذافي الحقيقة، حسب ذات التقرير، مخبأة في بلدان غرب القارة الأفريقية التي ترفض إرجاعها لمستحقيها رغم المحاولات و الجهود التي يتم القيام بها، من طرف المسؤولين السياسيين والعسكريين، من أجل إرجاعها إلى ليبيا