كود الرباط//

صادقت لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، بالأغلبية، قبل قليل، على تعديلين أساسيين ضمن مشروع قانون المسطرة الجنائية، رغم الجدل الواسع الذي رافقهما داخل أروقة البرلمان وخارجه.

التعديل الأول همّ المادة الثالثة، التي تمنع جمعيات المجتمع المدني من التبليغ عن قضايا الفساد والمال العام، حيث أصر وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، على رفض جميع التعديلات التي طالبت بتوسيع هذا الحق، مؤكداً أن الأمر خضع لنقاش طويل داخل الوزارة وأن موقف الحكومة محسوم.

وقال وهبي بلهجة واضحة  أمام أعضاء لجنة العدل والتشريع: “لن نقبل أي تعديل على هذه المادة”. مشددا على أن التبليغ عن هذه الجرائم يجب أن يتم فقط من طرف المؤسسات المخول لها قانوناً، مثل المفتشيات والمجلس الاعلى للمسابات.

وقد أثار هذا التوجه استياء فرق المعارضة، التي اعتبرت المادة تضييقاً على دور المجتمع المدني وتراجعاً عن روح دستور 2011 والاتفاقيات الدولية المتعلقة بمحاربة الفساد.

أما التعديل الثاني، فيتعلق بمنح “الصفة الضبطية” لخلفاء القواد والمقدمين، وهو ما دافع عنه وهبي بقوة، مشيراً إلى أنه استند في ذلك إلى معطيات واقعية وتجارب ميدانية.

وقال وزير العدل أن هؤلاء الأعوان غالباً ما يكونون أول من يصل إلى أماكن الحوادث في المناطق القروية والنائية، وضرب مثالاً بما حدث خلال زلزال الحوز، حيث واجهت السلطات صعوبات في توثيق الوفيات والمعاينات بسبب غياب الصفة القانونية لدى هؤلاء المسؤولين المحليين.

وقال وهبي: “طلبنا رأي وزارة الداخلية، وأكدوا أن الخلفاء هم أول من يكون في عين المكان. خلال زلزال الحوز، كانوا يوثقون الجثث ويبحثون عن القواد للإشهاد، فقط لأنهم لا يملكون الصفة الضبطية”. حسب مصادر برلمانية.

وشدد المسؤول الحكووة أن منح هذه الصفة سيمكن من تجاوز آلاف الإشكالات القانونية في العالم القروي، وسيساعد في توثيق الوقائع بسرعة ودقة.

غير أن فرقاً برلمانية، خاصة في المعارضة ، طالبت بتقييد هذه الصلاحية بشروط صارمة، معتبرة أن معظم خلفاء القواد لا يتوفرون على تكوين قانوني كافٍ، وأن بعضهم ليسوا موظفين رسميين، مما يطرح إشكالات تتعلق بالأهلية والمسؤولية.

ورغم الاختلافات الحادة، تم التصويت بالأغلبية لصالح التعديلين، مما يمهّد لاعتماد نص قانوني يُعيد ترتيب العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني من جهة، ويوسّع صلاحيات السلطة المحلية من جهة أخرى، وسط تحذيرات من تأثير ذلك على التوازن بين الرقابة والمساءلة.

يشار بأن مناقشة التعديلات والتصويت عليها لا يزال مستمرا الى حدود اللحظة.