حميد زيد ـ كود//

الوشاش يقضي يومه في مركز المدينة.

كل يوم يركب الحافلة رقم 23.

ليستعرض  أناقته. وملابسه.

ونظاراته الرايبان. وحذاءه الذي يلمع.

أما اللباس فهو لا يبرح عين السبع. هي بالنسبة إليه المركز.

مركز العالم.

اللباس بقرط في أذنه.

اللباس دائما في مقهى الحمد. بعين السبع.

اللباس لمّا لا يكون جالسا في المقهى فإنه يمر أمامنا.

مسرعا في خطوه.

باحثا عن اللاشيء.

اللباس له مشية أنتونان أرتو.

اللباس يمشي كما لو في ديفيلي.

اللباس كما كنا نناديه دون أن يعلم ذلك.

اللباس خلق ليكون لباسا.

ولا ادعاء.

ولا استعراض منه.

اللباس لبّاس بالفطرة.

بقامته الطويلة. وبنطلونه الجينز الليفس.

اللباس بقلادته.

اللباس بهندامه المميز.

اللباس لم يكن هيبيا. ولا فوضويا. ولا يساريا.

اللباس مع الموسيقى. ومع أمريكا.

اللباس إن صح القول يسار فني.

ولا يتحدث عن السياسة. ولا يهمه الصراع. ولا الثراء. ولا الفقر.

اللباس غني من الداخل.

اللباس أيضا هامشي على الطريقة الأمريكية.

اللباس لم يكن يقلد مايك جاغر لكنهما من نفس العائلة.

هناك شبه.

هناك تقريبا نفس القامة.

لكن لباس عين السبع كان أصدق منه. ومنا جميعا.

اللباس لم يكن يكتب الشعر لكنه كان أشعرنا.

اللباس لا يحب الصور. ولا يشاهد الأفلام. ولا يتفرج في التلفزيون.

اللباس في الليل دائما مع الراديو.

مع البلوز. ومع الروك. ومع كل الموسيقى.

اللباس لا ينام في الليل.

اللباس لا يظهر في الصور.

اللباس بكل أناقته كان يدخن كازا.

كان يجعلها أفضل السجائر.

كان يضفي عليها هالة.

كان يسحرها.

اللباس أدرد ولا أحد ينتبه للأمر.

بل يضفي عليه ذلك وسامة.

اللباس مشيته فن. وحياته كلها فن. وابتسامته فن.

والويل لمن لم يرق للباس.

اللباس يعرف الناس. ويعرف الصادق. والطيب. والبخيل.

اللباس يمقت المحتالين ولا يدعهم يقتربون منه.

اللباس أفكر فيها دائما. وكلما تذكرته تغرورق عيني.

ولم يشتغل اللباس يوما.

ولم يبحث عن عمل. ولم يستجد أحدا. ولم يره أحد يوما يأكل.

اللباس ضد الطعام ومع الشراب.

ولم يكن يشرب سوى القهوة والماء.

اللباس لم يكن سكيرا.

اللباس يتحدث بحكمة عن الحشيش/

اللباس إصبعه بني غامق.

اللباس ملهم.

اللباس لم يعد ممكنا أن يتكرر.

ولم يعد المغرب قادرا على أن يمنحنا شخصية مثله.

لا في عين السبع

ولا في أي مكان.

وكم اشتقت إليه. وإلى مقهى الحمد. وإلى النادل أصواب.

و إلي.