حميد زيد – كود ///
لقد مات بيدرو بارامو منذ سنوات عديدة في رواية خوان رولفو.
فما الذي جاء به إلى نيتفليكس.
ما الذي جاء بالميت إلى هذه المنصة.
ماذا جاء يفعل بيدرو بارامو في هذا العالم المكتظ. بالقصص. والمسلسلات. والأفلام. التي لها بداية. ونهاية.
ماذا جاء يفعل في عالم ليس عالمه.
ماذا جاء يفعل في عالم الأضواء هذا.
وفي عالم الجمهور الواسع. والفرجة المؤدى عنها.
و رغم أنه ميت. إلا أنه بعد أيام قليلة سيصل إلى نيتفليكس. (6 نونبر). وخلفه ابنه الذي يبحث عنه. بتوصية من أمه.
وهل تستطيع نيتفليكس أن تصور بلدة كومالا المهجورة.
والتي لا يعيش فيها أحد.
هل تستطيع أن تصنع فيلما من الفراغ. والهواء الساخن. والقحط. والأرض المقفرة. والأشباح. واللا شيء.
هل تستطيع أن تصور سينمائيا “أنين الميت”. كما يسمع في رواية بيدرو بارامو.
ومن يتفرج في أنين الميت.
من يقبل أن يصدع رأسه بالميت الحي.
من يقبل أن يتابع رحلة البحث هذه. حيث كل الشخصيات في رواية خوان رولفو حية. وميتة. وموجودة. وغير موجودة.
وتتحدث. وتحكي عن بيدرو بارامو. وعن ابنه. وعن عيني زوجته.
إلا أن نيتفليكس قررت أن تغامر وتدخل إلى بلدة كومالا المقفرة.
بينما نادرا ما تغامر نيتفليكس وتقتحم عالما مقفرا كهذا. و لا شيء فيه. مثل عالم الكاتب المكسيكي خوان رولفو.
علما أن بيدرو بارامو ميت.
ولا أحد يعيش في هذه البلدة.
والذي تصادفه في طريقك هم أشباح.
والروح في كومالا ترتدي سروالا جلديا ويراها الناس.
بينما الناس لا أثر لهم.
والبعض ينسى أنه ميت إلى أن يأتي من يذكره بذلك.
وهل أخطأت نيتفليكس.
فلبيدرو بارامو أبناء كثر. من زيجات. ومن علاقات. كثيرة.
وهذا الذي يبحث عنه. بعد أن طلبت منه أمه ذلك. كاد أن يكون ابنا لامرأة أخرى. وليس ابن أمه.
هذا الذي أرسلته أمه. قبل موتها. ليبحث عن أبيه. ويلومه. كاد أن يكون ابنا لصاحبة النزل. في كومالا.
وقد تكون ميتة هي الأخرى.
وهذا الحصان الذي يمر أمامها في منتصف الفيلم لم يمر أمامها.
بل تخيلته فقط.
وقد يكون مر من أمامها في حياة أخرى.
فكيف ستقنع نيتفليكس جمهورها بهذه القصة.
وهل جنت كي تستثمر في هذه العمل الأدبي.
وهل تتخلى عن كل ألوانها كي تحتفي بالقاتم والغامض.
وفي نفس الوقت تقريبا ستصل إلى نيتفليكس “مائة عام من العزلة”.
التي أوحى بيدرو بارامو لغابرييل غارسيا ماركيز بكتابتها.
لكن بيدرو بارامو ميت
أما ابنه الذي جاء إلى نيتفليكس ليبحث عنه
فقد قالت له السيدة التي التقى بها
أن أمه أخبرتها أمس بقدومه. والحال أن أمه ماتت هي الأخرى.
والشخص الذي دله على الطريق المؤدية إلى كومالا
كان ميتا هو الآخر
فكيف
كيف يمكن العثور على بيدرو بارامو
حيا
أو ميتا
في هذه المنصة
وكيف يمكن لنيتفليكس أن تربح منه.
وهل ستنجح على الأقل
في دفع المشاهد
إلى البحث عن هذه الرواية وقراءتها
ليكتشف بنفسه
اللاحياة في كومالا
و ليتجول في صفحاتها القليلة والتي تتجاوز بالكاد المائة صفحة
والمتوفرة بترجمة عربية للراحل صالح علماني.
وهل سينجو بيدرو بارامو
من نيتفليكس
التي سبق لها أن ابتلعت شخصيات وأعمالا كثيرة
وكيفيتها
وصارت تشبهها. ومناسبة لجمهورها.
وهل سيتحداها خوان رولفو الذي توفي عام 1987
ويحافظ على سره وعلى عزلته وعلى رفضه للأضواء وللشهرة.
ويحافظ على أشباحه
رافضا تصويرهم
وعرضهم للفرجة مقابل اشتراك شهري.