حميد زيد – كود//

في هذه القصة كل شيء.

فيها كل التوابل. وكل البهارات. وكل ما تبنى عليه الأفلام.

فيها الشهرة.

فيها المال. والنجوم. والحب. والجنس. والشقق. والأسرار. والخيانة. والأبناء. والبكاء.

فلا يقل لي أحد إنها تفاهة.

لا يقل لي أحد إنها ليست جديرة بالمتابعة.

وفيها زيادة على ذلك حبكة.

فيها الرجل.

وفيها المرأة الأولى. والثانية.

فيها الهدايا.

وفيها الخلخال-الدليل.

فيها الولد الذي كان يصور في الشقة.

فيها الإغراء.

وفيها سقوط الخلخال من الساق.

وفيها البحث عنه.

فيها العثور على قطعة من الخلخال في الحذاء.

فيها اشتعال على حكايات سابقة.

وفيها الشرطة. والتفتيش. وفيها المحكمة. والقاضي. والجمهور. والمتابعات.

فيها البحرين. والمغرب. ومراكش. والمنامة. والماضي. والحاضر. والأغنية المغربية.

فيها كل ما يجعل منها عملا فنيا عظيما.

فيها حلقات  ناجحة من مسلسل.

فيها ملحمة مغربية معاصرة.

وفي كل يوم يقدم لنا واحد من الشخصيات روايته للأحداث.

فيها حرص على الإثارة. وعلى شد الجمهور.

فيها وصال.

فيها ماكياج. وملابس. وتصوير.

فيها واقعية مفرطة مشتغل عليها لتقترب من التخييل.

فيها قصدية خلق اللبس.

فيها واقع في خيال. وخيال في واقع. كما في الأدب. وكما في السينما.

فيها عمل فني مكتمل قبل أن يتم إنجازه.

فيها كل ما يطلبه المشاهدون.

فيها كل شروط النجاح.

فيها فرح. وحزن. وألم. وأسفار. وذهب. وسيارات فارهة. وتجميل. وخليج. وسهرات. وشرق. ومغرب. وبداوة. ومدينة. واختلاف ثقافات. وتلاقيها.

فيها عطر.

فيها اتهام بالسرقة.

فيها حوار سينمائي على مبدعينا أن يتعلموا منه.

فيها لغة على كتابنا أن ينتبهوا إليها.

فيها لغات مختلفة داخل نفس اللغة.

فيها لغة دنيا.

ولغة وصال الشابة المغربية.

ولغة الزوج.

فيها دروس كثيرة لمن أراد أن يدير الممثلين.

فلا يقل لي أحد هذا عصر التفاهة.

لا يقل لي أحد إن الناس يتابعون مثل هذه القصص ويتركون الأشياء المهمة.

والفكر.

والسياسة.

بينما لا يمكن أن تلوم الناس لأنهم يتابعون هذه القصة.

فهي حقا مغرية. و مكتملة. وناجحة. وفيها تشويق. وفيها كل المقومات.

وكأنها واقعية.

وكأنها خيال.

وقد جاءت إلينا.

وقد منحها أصحابها لنا بالمجان. ولا يطلبون منا إلا أن نتابعهم. ونتضامن معهم. ونتأثر.

فأي فكر اجتمعت فيه كل هذه المقومات والأحداث.

أي سياسة بمقدورها أن تمنحك كل هذه الفرجة.

وهذا الشعور بالتضامن. مع طرف دون آخر.

وكأن مخرجا متمكنا هو من يقف خلف هذه القصة.

وهو الذي يتحكم في اللايفات. وهو الذي يصورها.

وهو الذي وضع ماكياج دنيا باطمة وهي تبكي. وحزينة. ومتأثرة.

وهو الذي تحكم في خرجة وصال. وفي ملابسها.

وفي ابتسامتها. وفي تقويرة صدرها.

وفي تلك الحركة التي كانت تقوم بها بيدها كي تغطي. وكي تعري.

وكي تخلق الإثارة.

من خلال إيروتيكا تليق بفتاة لها قدرة على الإغراء.

إيروتيكا ذكية. وتلمح. ولا تفصح.

وهو المخرج الذي دفع زوج باطمة إلى المغامرة.

كأن ما نراه تمثيلا.

وكأنه واقع.

ولو كان محمد الترك في راحة.

ولو كان منتجا حقيقيا لا يخلط بين العمل وحياته الخاصة.

ولو كانت له هذه القدرة على الفصل.

وعلى تجاوز ما يقع له.

لجمع كل هذه الفيديوهات وهذه اللايفات وصنع منها خبطة الموسم.

وباعها بالثمن الخيالي لأي منصة.

لكنه للأسف منشغل بدوره في هذه القصة.

التي يردد كثيرون أنها تافهة

ولا تستحق المتابعة.

و أتحداكم أن يأتي من يقول هذا بمثلها.

وبمثل أحداثها.

وبنجوم بمواصفات النجوم المشاركين فيها.

وفيها كل شروط الإثارة

وفيها كل ما يجعلك لا تترك أي حلقة من حلقاتها تفلت منك.

ومن أين للجمهور المغربي عمل بهذه المواصفات.

من أين لنا بقصة فيها كل هذه الأحداث. وهذا الصدق في الأداء.

من أين لنا بهذا الفيلم الناجح.

ودون اشتراك.

من أين لنا بعمل متقن مثل هذا. وحقيقي. حتى نحرم أنفسنا من التفرج فيه. ومن متابعته. من أجل العمق. الفارغ. والممل. والمدعي.

وحتى لا نتهم بأننا نشجع التفاهة.

وكيف لا نكتب عنه

كيف لا نتابعه ونغطيه.

كيف لعاقل. محب للفرجة. والإثارة. والتشويق. أن يرى مثل هذه الأحداث تمر أمامه.

ويغض الطرف.

ويحرم نفسه من أهم عمل فني مغربي تم إنجازه في السنوات الأخيرة.

إرضاء لدعاة العمق. والجدية.

كأن الحب موضوع تافه.

و كأن الخيانة لا شيء.

وكأن الجنس ليس هو الذي يتحكم في المال. وفي العقل. وفي الأفكار. وفي كل شيء.

وكأن السرير ليس مكانا لخوض معارك الإنسان الكبرى.

وكأن ظهور وصال في الحلقة الثالثة لا يستحق منا أي اهتمام.

وكأن البشر بمقدورهم العيش بالأمور الجدية لوحدها.

وبالدماغ لوحده.

والذي لولا التفاهة. ولولا التسلية التي تمنحها له. ولو الإسفاف والسخف الذي يهدىء من روعه. لكان الدماغ انفجر منذ زمن بعيد.