حميد زيد – كود//

لا يمكن أن يتفق جيل بأكمله على نفس المطالب.

ولا يمكن أبدا أن تكون له نفس النظرة إلى المغرب. وإلى العالم. وإلى الأشياء.

ولا يمكن أن يكون له نفس الرأي.

ونفس الأهداف.

ونفس الأحلام.

ولا يمكن صنع حزب بجيل كما يطمح البعض.

وعندما يقع هذا.

وعندما يتفق الجميع.

وعندما يتشابه كل من في هذا الجيل. أو أي جيل آخر.

فهذا يعني أنهم يطمحون إلى دولة مستبدة.

يسود فيها رأي واحد.

و الكل فيها متفق.

و لا اختلاف فيها. ولا صراع. ولا مصالح متناقضة. ولا أحزاب فيها.

ولا ديموقراطية. ولا انتخابات.

ووحده الملك يحكم.

و ألم يطالب جيل Z بحل كل الأحزاب.

كي لا يبقى سوى الملك والشعب في النهاية.

دون أي وسيط.

لنعيش جميعا في مملكة الفراغ السعيدة.

حيث لا قضاء.

ولا مؤسسات.

وحيث الشعب هو الذي يحاكم الفاسدين.

والأفراد.

والخارجين على الجماعة.

فالسياسة كانت دائما صراع أفكار وإيديولوجيات وقيم ومصالح.

بينما يريد جيل Z أن يلغي كل هذا.

يريدون خواء سياسيا.

ويفترضون أن الكل متفق معهم.

وأنهم على حق.

ويكفي أن تكون في مثل سنهم لتتبنى نفس مواقفهم.

ومن ليس معهم.

ومن يعترض.

فلا مكان له في ما قبل الدولة التي يسعون إلى العودة إليها.

وربما هذه هي المرة الأولى في التاريخ التي تخرج فيها حركة تطالب بالاستبداد.

وبغياب الحرية.

وبالعودة إلى ما قبل الدولة الحديثة.

بل ما قبل الدولة.

ناطقة باسم جيل. حائزة على إعجاب الجميع.

ومن خوف الحكومة.

ومن جبن السياسيين. ومن شعبوية بعض النخبة. فقد صار الجميع متفقا. ومتفهما لمطالب جيل.

وكأنه كتلة واحدة.

بينما الطبيعي في أي جيل. وفي أي بيت. وفي أي أسرة.

و في أي مجموعة.

وحتى لو كان كل أفرادها لهم نفس السن.

وحتى لو كانوا توأما لبعضهم البعض.

أن يكونوا مختلفين في ما بينهم.

وأن يكون بينهم المحافظ. والتقدمي. واليساري. واليميني. والمتدين. والكافر. والعدمي. والليبرالي. وغير المهتم.

ومن يريد التغيير.

ومن يفضل أن يبقى الوضع كما هو.

ومن هو فقير. ومن هو غني.

ومن هو مستفيد من الوضع. ومن هو ضحية.

والحال أننا في حالة هذا الجيل. الذي يسمونه جيل Z. أمام كائنات متشابهة.

وفارغة من الداخل.

و صفحة بيضاء إيديولوجيا. وكل جهة. تحاول أن تملأها بما تشاء.

وفي كل مرة تخرج منهم نسخة مزيدة ومنقحة.

وفي كل مرة يتم حشوهم بأفكار. وبمطالب جديدة.

وهذا يسيء إليهم.

ويجعل منهم “جيلا” بلا روح. و بلا مصالح.

جيلا غريزيا.

جيلا كله نسخة واحدة.

بعقل واحد.

وبأحلام واحدة.

كأنهم روبوتات.

جيلا يناضل. ويخرج كل يوم إلى الشارع. ضد السياسة.

وضد الاختلاف.

وضد الفرد.

وضد العيش المشترك.

ومع الفصل.

ومع وضع حدود وحواجز على أساس جيلي.

في ماركسية جديدة

تلغي الطبقات وتعوضها بصراع الأجيال.

وقد سبقهم في ذلك ناقد أدبي مغربي

كان يكدس الشعراء في مقالاته حسب أعمارهم.

ويضع الثمانيين و يغلق عليهم.

وكلما ظهر شاعر تسعينيي. يقبض عليه. ويلحقه بإخوانه الذين في مثل سنه.

ولم يكن ينجو منه أحد.

مهما كان مختلفا.

ومهما كان غريبا.

و مجددا.

ظنا منه أن الجيل محدد للحساسية. وللذائقة. وللأحلام. وللأهداف.

وللغة.

وللمواقف.

وأنه يمكن وضع جيل بأكمله في سلة واحدة.

بينما لا.

بينما الأولاد خصوم لبعضهم البعض

وهناك رفاق لهم

في أجيال سابقة.

وهناك كهول أقرب إليهم من مجايليهم

ويكفي أن يخرجوا من عالمهم المغلق في ديسكورد

ليكتشفوا ذلك.