وهذه الوضعية التي يكون فيه الشئ على سطح المادة ، قد نعيشها أيضا في السياسة.

اليوم يبدو أننا نعيش لحظة إيجابية وكبرى.  إن الواقع، والشارع الوطني يقدم لنا كل ما فيه ويطرحه على الطاولة ، وعلى قارعة الطريق بدون الحاجة الى كبار المحللين وأصحاب الاشارات التي يرسلها العقل الباطن  إلينا.

اليوم لسنا في حالة سريرية إكلينيكية، بل نحن في حالة صحية جيدة حيث يقول أبناء المغرب ما يريدون بدون روتوشات ، بدون أن تفقد الاخلاق والمسلكيات معناها وقيمتها **** الأدبية.

لحظة للجدية لا يمكن أن نتركها لقراء الطالع وموظفي الفراسة  وقراء مساريب الريح.
لقد اعتدنا في سياستنا انتظار الاشارات لكي نتبع الأصبع ، وقد حان اليوم لكي ننظر الى الافق.
 ولعل الصدق يدفعنا اليوم الى القول أنه لم يعد هناك من مبرر لكل تلك الترسانة الاحترازية التي تعودنا عليها، خاصة في هذه الفترة التي نصنع فيها دستورا نريده أن يكون لمغرب القرن الواحد والعشرين.

دستورا لا يمكن أن يكون فيه الظاهر والمستتر ، والبناء  على أساس التأويل.
وعندما يتحرر  المغرب الجميع*** فإنه يحرر النخبة ولا يمكن أن تبقى في موقع  المتردد الذي يجفل التاريخ من كثرة  ارتجافاته.
ولا نجانب الصواب إذا قلنا إن في اللقاءات التي عقدها مستشار ملك البلاد، وفي كلماته الواضحة،  دعوة الى الابتكار والجرأة والتجاوز،  مستوحيا ،في ما نتوقع، التوجه الملكي نفسه.

 وعندما تتحرر الطبقة السياسية من “الديكودور” الذي اشتغلت به لطيلة عقود، فإنها ولا شك ستحرر  الحقل السياسي من أدوات  استعمال قديمة.
وفي كل عمل سياسي هناك رسالة ، ولا يمكن أن نختزلها في الاشارات  التي تقبل كل أنواع الاختزال ، خاصة وأن الاستعارة تعلمنا أن المرايا المضببة هي التي تصلح، وحدها فقط لكتابة الإشارات

 ومعنى ذلك أننا لا يمكن  أن   نصنع المغرب الجديد بأساليب قديمة وعتيقة مؤسسة على بنيات السر والمجهول والاستبسار. فقد تبين اليوم أن أشياء كثيرة لا بد لها أن تختفي في حياتنا. واذا كنا مدينين  للشباب بما فعل الى حد الآن، فقد   حان الوقت لكي يتراجع المستتر ، ويتقدم  الظاهر في العلاقات..

 كما أن القواعد الحزبية في الاحزاب التي تملك القدرة على الارتقاء بنقدها لذاتها وأدواتها الى مرحلة الفعل والابتكار، شرحت بدورها ما يجب أن يتم التداول حوله في المغرب المعاصر والمغرب القادم.

  السقف   يضعه  اليوم المناضلون  والشباب  والقواعد والرأي العام،  وخطابهم هو  “ليس عليكم أن تنتظروا الاشارات،  بل عليكم أن تعطوها.. “.
  علينا أن نبدع في خلق الاجواء التي تسير في اتجاه إعادة الثقة في النفس وتبين جاهزية الاحزاب، ولا سيما المناضلة منها، في  بناء المستقبل،  على قاعدة دستور متقدم يسير في الاتجاه الصائب للتاريخ.

إن  السقف الذي يحرك الجزء الحيوي من المجتمع هو الملكية البرلمانية، وهو سقف يمكن  أن يكون قنطرة لتفكير جريء، يتجاوب مع الايقاع الحالي لبلادنا، وهو إيقاع يسعى الى بناء الفضاء السلمي للديموقراطية، ويتوخى أيضا المسايرة الدينامية لما يمور حولنا.

إن الاشارات لا تدفعنا دوما الى  الأعلى، بقدر ما  تجرنا الى الاسفل،  لاعتبارات موضوعية وتاريخية لا مجال لذكرها الآن.
 سنخيب الأفق الانتظاري  للناس إذا ماقنعنابما  تمنحه الإشارة. و ليس من المفيد أبدا أن  نسعى الى الاشارة دائما حتى لا نوقف مجرى.. الرسالة.