كود : يونس أفطيط
مصر أم الدنيا، وقبل أن يكون آدم كانت مصر، ولم يستطع أي بلد في العالم أن ينتج الالهة، ولم تعجز بطون المصريات عن تفريخ الالهة، فمصر لها إله في كل مائة سنة، مثل العباقرة الذين تجود بهم الدنيا مرة كل قرن ومن مختلف بقاع العالم، فمصر تختص في إنجاب آلهتها.
ومنذ الفراعنة تفننت مصر في ولادة المتآلهين، وأبناء مصر هم أكثر الناس لهم قابلية للموت من أجل آلهتهم، وبشكل غريب لا تعرف آلهة مصر نفسها بأنها آلهة، فقط أبناء مصر من يعرفون ذلك، وبكل تواضع يخبرونها أنها آلهتهم، يموتون من أجل يقتلون لأجلها، وحتى حين تتعارك آلهة المصريين فإنها تظل صامتة ولا تفعل شيئا غير تحريك العبيد والاتباع ليقاتلوا في معركة البقاء للآلهة الاقوى.
ذات مرة وصل الرئيس البوسني “علي عزت بيجوفيتش” إلى صلاة الجمعة متأخراً وكان قد اعتاد الصلاة في الصفّوف الأمامية ففتح له الناس الطريق إلى أن وصل الصف الأول فاستدار للمصلين بغضب وقال ” هكذا تصنعون طواغيتكم”، لكن مصر لا تصنع الطاغوت، فالطاغوت يقتل وينكل ويعذب، أما آلهة مصر فإنها ارقى من ذلك، لقد قالها القضاء المصري، لقد نطق بها، من كان منكم مقتولا في ثورة ميدان التحرير فإن آلهتنا من دمه بريئة، إبحثوا عن القتلة الحقيقيين، إبحثوا عن من قتل أبناءكم، فمبارك بريء بريء براءة إخوة يوسف من دمه وليس براءة الذئب.
وقد إستطاعت مصر في وقتنا أن تعدد آلهتها، مثل التعددية في الاحزاب، لقد أصبحت الالهة في مصر مهنة من لا مهنة له، وأصبحت أرض الكنانة تنافس الهند، كل مصري يختار أي آلهة يموت من أجلها، وكل الموتى في الجنة، ولا أحد منهم في النار لأن جميع الالهة على حق، فمن مات من الاخوان شهيد ومن مات من السيسيون شهيد، ومن مات في ميدان التحرير شهيد، ومن مات من الشرطة الجيش البحرية البلطجية كل هؤلاء شهداء، أما الالهة فإنها باقية لا تموت، تأبى أن تموت، قد تمرض قد تجلس على كرسي متحرك، قد تحتج داخل السجن، لكنها لا تموت، وسيأتي يوما وينقرض الجنس البشري ويبقى مرسي ومبارك والسيسي أهراما جديدة تنتصب فوق رأس مصر ويموت من أجلها المصريون.