سعيد الحسوني – كود//

صُدم الرأي العام الإسباني عند رؤية وجهي ملكهم فيليبي وملكتهم ليتيسيا ملطخين بالوحل، وَحلِ سيول عاصفة “دانا” التي قتلت وشردت وأغرقت ويتمت الآلاف من الإسبان.

وكأَنّ المتضررين من “دانا” أبوا إلا أن يشاركوا ملكَيْهم الهموم التي وحلوا فيها برميهم بنصيبهم من الأوحال التي علقوا فيها منذ الثلاثاء الأسود حين كانوا يمارسون أنشطتهم المسائية الاعتيادية قبل أن تجرفهم السيول وتُصدر الإنذارات الحكومية وهم ديجا وسط الكارثة.

فإذا كان العاهل الإسباني تحلى بصبر وروية ورباطة جأش محاولا تقبّل الغضبة الشعبية، وتوجه رأسا إلى الغاضبين لمحاورتهم والإنصات إليهم ومواساتهم، فإن قرينته الملكة ليتيسيا بدت على محياها صدمة شديدة جراء الهجمة المباغتة التي تعرضت لها والتي لم يكن يتوقعها أحد.

مشاهد الملكة وهي تذرف الدموع بملامح مفجوعة ومصدومة أثرت كثيرا على الرأي العام الإسباني، ودفعت العديد من نجوم المجتمع إلى انتقاد الأفعال العدوانية ضد الملكين رغم تأكيدهم على تفهمهم لمأساة السكان وغضبهم.

بعد حملة القذف بالطين، تحلّق حول الملكة مواطنون تشاركوا معها بألم بعضا من معاناتهم وهي تنصت وتبكي، فيما نساء أخريات عانقن الملكة بحرقة وهن يبكين بشدة ويرددن على مسامعها “لم يكن يجدر بك أن تأتي في هذا اليوم إلى هنا، ليس هذا اليوم..!!”

وبعيدا من مكان الحادث، حاول مؤثرون آخرون مواساة الملكة على دموعها التي اختلطت بالوحل على خدها، أكثر من سعيهم إلى مواساة متضرري العاصفة الذين فقدوا تقريبا كل شيء بسبب خطأ حكومي فادح ستعقبه مساءلات ومحاسبات عسيرة.

في الحقيقة، لا يجدر بالملكة ليتيسيا أن تحزن كثيرا للهجوم الذي تعرضت له، فالغضب الشعبي كان هائلا، كان بركانيا، والاحتجاجات بكل أشكالها لم تقصد شخص الملكة، بل الرمز الذي تمثله الملكية في الدولة الإسبانية، رمز “الدولة” ورمز “السلطة العليا” حتى لو كانت في حالة إسبانيا سلطة شرفية فقط.

ذاك الغضب البركاني الذي اجتاح المواطنين المتضررين تحدى كل الاعتبارات القيمية وتجاوز  كل الحدود والمحاذير وحطم الحواجز الأخلاقية والاجتماعية وحتى الاثنية، فحتى لو حضر المسيح الثلاثاء في ذات المكان لَكان نال نصيبه من الوحل، لأن المصيبة كانت جليلة جعلت الناس تثور ضد كل الرموز الكونية حتى المقدسة منها.