حميد زيد ـ كود//
المغربي يتظاهر أنه لم يكن يعرف أي شيء عن سحب الدعم.
المغربي يتظاهر بأنه تفاجأ بسعر البوطة الجديد.
المغربي بريء.
المغربي مخدوع.
المغربي يقول إنه لم يخبرنا أحد.
وتسايره بعض الصحافة.
وبعض المناضلين.
المغربي يحتج.
المغربي لم يكن يستوعب أن الزيادة قادمة لا ريب فيها.
وأنها على مراحل.
وأنها ستنفجر في وجهه.
المغربي لم يكن يعتقد أن الأمور جدية.
المغربي يرفض هذه الزيادة.
وقد رأيت المغربي بأم عيني.
يوم أمس.
ينظر إلى البوطة في القفص.
ويتحسر.
المغرب كان يعاتب البوطة.
ويلومها.
وكما لو أنه يتهيأ لأن يقول لها شيئا.
المغربي يقول خذوا 500 درهم.
خذوا التغطية الصحية الشاملة.
خذوا الدولة الاجتماعية.
واتركوا لي أسطوانة الغاز.
ومن نظرته إلى البوطة في قفص البقال.
تشعر كما لو أنه يريد أن يحررها.
ويطلق سراحها.
ويحضنها.
تحس أنه يريد أن يهرب بها.
إلى ثمنها الأول.
وإلى الماضي.
وإلى ما قبل الدولة الاجتماعية.
المغربي يكاد يبكي أمام البوطة.
المغرب يجلس القرفصاء وينظر إليها طويلا.
المغرب يكلم البوطة.
المغرب تشاجر مع البقال لأنه أراد أن يحصل على واحدة بسعر أمس.
قبل الزيادة.
المغربي يقول إنه طلبها أمس.
بينما البقال لم يرسلها إليه مع حاملها.
ولذلك عليه أن يتحمل المسؤولية.
المغرب يقسم بأغلظ الأيمان أنه اشتراها من الماضي.
حين كان هناك دعم للغاز.
المغرب غير مصدق.
المغرب متأكد أن الحكومة ستتراجع عن هذا القرار.
المغرب ينكر الواقع.
المغربي سيستغل الفرصة.
وسيغضب بسبب البوطة.
وسينفجر بسببها.
و سيتأزم نفسيا.
وسيعود إلى التدخين.
وسيشرب كثيرا.
وسيشرع في إجراءات الطلاق.
وسيتطرف.
وسيزيد في ثمن البيضة المسلوقة.
وفي ثمن المقيلة في المحلبة.
وفي ربع الدجاج.
وفي الصدر.
وفي الفخذ.
وفي الفريت.
وفي البوكاديوس.
وفي تاكوس.
وفي الواجب الشهري الذي يجب أداؤه للمدرسة.
لأنه يطبخ على النار.
المغربي سيجعل من البوطة إيديولوجية قائمة الذات.
المغربي سيبني بها خطابا.
المغربي سيتحدث عن البوطة طويلا.
وفي هذه السنة.
وفي السنوات القادمة.
المغربي سيتخلى عن ذلك الشخص الذي يحمل البوطة للطابق الثالث.
ولن يمنحه عشرة دراهم.
لأنه لم يعد يملكها.
ولم تعد الخمسون درهما تكفي.
المغرب سيسكن في المنحدرات ليدحرجها.
المغربي سيعود إلى حمل الأثقال.
المغرب تفاجأ.
وقد رأيته بأم عيني ينظر إلى البوطة نظرات شزراء.
ويلومها.
ويتحدث إليها.
ويصرخ في وجهها.
ويريد أن يقبض عليها.