أحمد بلامين
—
خاض حزب العدالة والتنمية غمار الإصلاح في ظل” الاستقرار” تحت شعار 《إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت …》. و اجتهد لفترة طويلة ليؤكد الجزء الأول من الآية وهو إرادة الإصلاح، معتقدا أنه سيكسب عطف وثقة المخزن. وقدم من أجل ذلك كل ما يمكنه من القربات والتنازلات … وهذا طبعا كان على حساب الطبقة المتوسطة المناضلة، حيث استهدفها بقرارات غير مسبوقة، أجهزت على جزء كبير من مكتسباتها التاريخية، ومرر ما عجز عنه المخزن طيلة الفترات الماضية . ولم يكتف بن كيران بتنزيل القرارات، بل عبر بأفصح العبارات عن فرحه وسروره بذلك ، واصفا الموظفين بأقدح الصفات . متناسيا أن هذه الفئه هي التي أوصلته إلى الحكومة وهي ملاذه الأخير في نهاية المطاف.
هذا طبعا أنب عليه جل أطياف هذه الطبقة ، بل خلق بينهما جوا من الخصومة والقطيعة . وحيث إن المخزن يدرك جيدا أنها مؤطرة النضال الشعبي ، فإنه ترك الوقت الكافي لكي يتسع حجم الخصام بين الطرفين بل عمد أحيانا إلى اذكائه. وعندما تأكد من الانقطاع التام بين حزب العدالة والتنمية والجبهة الشعبية المناضلة، عمل على إيجاد الظروف المناسبة للحسم مع تجربة الاستثناء، التي لا تناسب ذوقه الخاص في شكلها السابق. صدر الأمر الواقع وانتهى الكلام، وتأكد بالملموس لإخوان بن كيران ألا إصلاح في ظل الاستبداد .
ما العمل إذن في ظل هذا الحرج الكبير ؟ كيف سيتم تفسير هذه الانتكاسة السياسية لقواعد الحزب وللفرقاء السياسيين وللرأي العام… ؟ أين موقع الحزب في المرحلة المقبلة؟
أسئلة مؤرقة فعلا ،لكن الجواب الكافي في نظري موجود في الجزء الثاني من الآية التي تؤطر الخط السياسي للحزب. وهو شرط الاستطاعة، لولا أن بعض قادة الحزب تمادوا في تقدير إمكاناتها في بعض لحظات الانتشاء، وتجاوزت خطاباتهم وتصريحاتهم حدود استطاعتهم . لذلك صار من واجب هؤلاء على الأقل الاعتذار للشعب المغربي عن كل ما صدر منهم من سوء تقدير للوضع السياسي في بلادنا، ولقواعد حزب العدالة والتنمية. لكونهم خرجوا عن الخط السياسي المؤطر بشرطي إرادة الإصلاح وفي حدود الاستطاعة . وهكذا تكون كل تنازلات الحزب وانتكاساته مبررة مبدئيا من داخل مرجعيته الفكرية.
ويبقى المشكل الأكبر، تلك القطيعة الحاصلة بين الحزب والطبقة المجتمعية المتوسطة، والتي تجعله بشكله الحالي، منفصلا عن الجبهة الشعبية المناضلة .
نظريا، هذا يعنى: أن يفكر الحزب في وصفة مركبة من أجل إعادة الحزب إلى موقعه السابق وتحميل أوزار هذه الأزمة لبعض القادة ومحاسبتهم من داخل مؤسسات الحزب. مما يعني ثورة داخلية تقطع مع المرحلة السابقة وفي نفس تحافظ على وحدة وتماسك الحزب.
أو نهاية مرحلة حزب “الشعب”، وتحوله إلى ملحقة كباقي الأحزاب المتحولة حسب أهواء المخزن و المتصارعة فيما بينها على المناصب والامتيازات… و العمل الموسمي من داخل الفئات المسحوقة من أجل ضمان حصة مستقرة من الأصوات والمقاعد في الخريطة الانتخابية .