الرئيسية > آراء > كيف ستكون الصحافة في المغرب بعد مقال 360؟! حتى الاستسلام. حتى التواري. صار مكلفا في مهنة الصحافة
30/09/2023 11:00 آراء

كيف ستكون الصحافة في المغرب بعد مقال 360؟! حتى الاستسلام. حتى التواري. صار مكلفا في مهنة الصحافة

كيف ستكون الصحافة في المغرب بعد مقال 360؟! حتى الاستسلام. حتى التواري. صار مكلفا في مهنة الصحافة

حميد زيد – كود//

بعد هذا المقال التاريخي.

بعد هذا المقال الفارق.

بعد هذا المقال عن الحياة الخاصة لإيمانييل ماكرون.

بعد هذا المقال عن الميولات الجنسية للرئيس الفرنسي.

بعد هذا “التحقيق” الذي لم يكن يتخيله أحد.

بعد كل هذا الصمت الذي خلّفه.

كأنها مهنة للموتى.

بعد كل هذا الهدوء.

بعد كل هذه الضجة المكتومة.

بعد كل الجدل الهامس. وغير المسموع.

بعد كل هذا التواطؤ. بعد كل هذا الخوف. بعد كل هذا الموت. بعد كل هذه اللامبالاة.

كأن شيئا لم يقع.

بعد كل ما وقع. كيف ستكون هناك صحافة في المغرب.

كيف سيكون هناك صحافيون.

كيف يمكن أن يكون هناك مجلس وطني للصحافة.

كيف يمكن أن يكون له دور.

كيف يمكن أن يكون هذا المجلس مجلسا للصحافة.

كيف يمكن أن تكون هناك نقابة.

كيف يمكن لأي واحد منا بعد هذا المقال أن يتحدث عن أخلاقيات المهنة.

كيف يمكننا أن نستمر.

كيف يمكننا أن نكون.

كيف يمكن أن يكون هناك صحافيون.

كيف يمكن أن نستحق هذا اللقب بعد هذا المقال.

و أي مقال هو هذا المقال.

هذا المقال صار معه كل شيء مقبولا.

وصارت معه كل جرائم النشر مقبولة.

صارت معه الحرية مطلقة. بلا قانون. وبلا ضوابط.

وصار معه الشتم مطلقا. والتشهير مطلقا. وغياب القانون مطلقا. وغياب الأخلاق في الصحافة مطلقا.

ولا من يحتج عليك.

ولا من يعترض على ما اقترفت.

ولا من يحذرك.

ولا من يجرك إلى القضاء.

ولا من ينظم مهنتك.

هذا المقال سابقة.

هذا المقال لن تكون بعده خطوط حمراء.

ولن يكون بعده قانون.

ولن تكون بعده صحافة. ولن يكون هناك من يسائلك عن ما تكتب.

ولن تكون هناك محاكمات.

ولن تكون هناك ديونتولوجيا بعد هذا المقال.

هذا المقال فاضح لنا أيها الزملاء.

هذا المقال محرج لمجلسنا.

هذا المقال كان لا محالة سيأتي.

هذا المقال نحن الذين هيأنا له. وساعدنا على مجيئه.

هذا المقال نحن من مهدنا له الطريق.

هذا المقال نحن من شجعناه.

هذا المقال كان متوقعا أن يأتي.

ومنذ مدة. كان اعتداء على الطفولة

منذ تلك اللحظة صمتنا جميعا.

منذ تلك اللحظة كان صمتنا تواطؤا.

كان جبنا.

كان قبولا بالأمر الواقع. واستسلاما.

كان بداية لصحافة جديدة في المغرب.

كان بموافقة من طرفنا.

كان انهزاما جماعيا.

كان خضوعا.

كان إعلان نهاية.

ومنذ تلك اللحظة صار بإمكان مقال 360 أن يظهر.

كأي مقال آخر.

صار الجو يسمح بذلك.

صار من سيكتب مثل هذا المقال مطمئنا.

صار يعرف أنه هو الذي يحكم.

وأنه قوي.

وأنه لن يحاسبه أحد.

والقانون لم يوضع ليطبق عليه.

بل على الآخرين فقط.

وأن الصحافة في المغرب. ليست حرة. وليس مستقلة. ولا أحد يجرؤ على الاعتراض.

صار منذ تلك اللحظة أن لا ترتكب شيء مكلفا في المهنة.

صار أن ترفض التشهير  يشكل خطرا على الصحافي.

صار الصحافي محاصرا. و”مدعوما”. وأعزل. ولا يمكنه أن يصرخ.

وحتى الصراخ لم يعد ممكنا.

صار الصحافي المغربي يختزل في الراتب.

صار لزاما على الصحافي أن يشتغل بصمت. منكمشا.  وبلا قناعة. وبلا مبدأ. وبلا موقف. وبلا حرية.

صار عليه أن يخضع صاغرا.

وأن يستسلم.

ويوافق على كل ما يرتكب. وكل ما يقع.

وحتى الاستسلام صار مكلفا في هذه المهنة.

وحتى التواري.

وعليك أن تشارك

عليك أن تختار مع من أنت. و أن تغض الطرف عن التشهير. وأن تقبل بالواقع. وبأسياد المهنة الجدد.

عليك أن لا تذكرهم بالاسم.

عليك أن توقرهم.

عليك أن تستوعب المتغيرات. والواقع.

عليك أن ترى أين مصلحتك.

وقد سقطنا جميعا في هذه المهنة.

وأصبحنا نخشى من قناعاتنا. ومن مواقفنا. ولم يعد لنا رأي.

ولم يعد أي شيء يثير صدمتنا. واشمئزازنا.

ولم نعد قادرين على الدفاع عن طفل.

وعن امرأة.

ولم نعد قادرين على الدفاع عن مهنتنا.

لم نعد نستطيع قول أي كلمة.

وكل ما يحدث صار بالنسبة إلينا طبيعيا. ومقبولا. وشأنا لا يعنينا.

لذلك كان سيأتي اليوم الذي سيظهر فيه مقال 360.

و هاهو قد ظهر.

ها هو أمامنا.

ها هو أمام المجلس الوطني للصحافة.

وأمام السلطة.

وأمام النقابة.

و أمام جميع الصحافيين المغاربة. وأمام ممثليهم. وأمام أرباب المقاولات. وأمام أنظار كل العالم.

ولا أحد ينبس ببنت شفة.

ولا أحد يستغرب.

ولا أحد يجرؤ على الاعتراض على ما جاء فيه. ولا أحد يوافق.

وبعد أن ظهر مقال 360.

وبعد أن وافقنا عليه.

وبعد أن لم ينتقده أحد.

فكل شيء سوف يصبح بعده متاحا.

كل جرائم الصحافة

كل القذف. كل التشهير. سيصبح مسموحا به. ومقبولا. ويدخل في خانة الرأي.

كل الصحافة في المغرب هي قبل مقال 360 شيء

وبعدها شيء آخر. ومختلف تماما.

كل تعريف للتشهير و للقذف لن يعود له نفس التعريف الذي كان له في السابق.

وكل تنظيم للمهنة

وكل حديث عن أخلاقياتها

وكل تدخل للمجلس

وكل حديث عن نزاهة هذه المؤسسة

و نزاهتنا جميعا

سيصبح مؤطرا بمقال 360.

هذا المقال التاريخي

هذا المقال السابقة

هذا المقال الذي يلخص الوضع. ويشرحه. دون لف. ولا دوران.

هذا المقال الذي لن يستطيع أحد أن يتكلم بعده.

هذا المقال هو خاتم المقالات.

وخاتم المهنة.

وفاضح كل مزاوليها. وكل مؤسساتها. وكل شعاراتها.

هذا المقال

سيجعل من الصعب على أي أحد أن يتحدث عن أخلاقيات مهنة الصحافة في المستقبل.

هذا المقال لا يكترث بمجلس

ولا بمهنة

ولا بقانون

ولا بسمعة بلاد

هذا المقال فوق الجميع.

موضوعات أخرى

05/12/2023 03:00

مرض جديد ف الشينوا كيضرب الدراري الصغار خالع العالم والصحة العالمية طلبات من بيكين تقارير صحيحة عليه