حميد زيد – كود//

سهل. سهل جدا التعرف على الصحافي النصاب في المغرب.

إنه ذلك الذي يخبرنا دائما أن مسؤولا كبيرا في الدولة اتصل به.

وقال له.

وأخبره.

بينما هذا لا يحدث أبدا في المغرب.

وحتى عندما يحدث فمرة واحدة فقط.

ويجب على المسؤول الكبير في الدولة أن يكون صغيرا حتى يفعل ذلك.

يجب أن يكون أسفل الدولة.

ومطلا عليها.

يجب أن يكون متواجدا خارجها.

يجب أن يكون في ورطة.

يجب أن يكون متقاعدا

يجب أن يكون قزما في الدولة ولا تأثير له. حتى يتصل بك. ويسمح لك بأن تكتب أنه اتصل بك.

لكن بعض الصحافيين لا يترددون في استعمال هذه الحيلة.

كي يضفوا على أنفسهم وعلى ما يكتبون هالة و أهمية.

وهناك من يذهب أبعد من ذلك ويكتب أن مسؤولا كبيرا في الدولة حذره من خطورة ما يكتبه.

وأنه يتفق معه.

وأنه معجب بجرأته. و بمهنيته.

وهذا النوع هو خريج صحافة “يقول مثل من الريف الإنجليزي أو الأسكتلندي”.

و رغم ما عاشه هذا النوع من الصحافة.

ورغم السجن.

فقد تفشى.

وصار له تلاميذ في كل مكان.

ويكون الصحافي منهم جالسا في بيته.

ويكون عاطلا عن العمل.

و يكون بلا موقع. ولا جريدة. و فجأة يخرج. وفي عز رمضان. ويخبرنا أن مسؤولا كبيرا في الدولة اتصل به.

وأخبره أن الوضع في المغرب لا يسر.

وأن هناك احتقانا.

وأنه يجب وضع حد لهذا التراجع الحقوقي مثلا.

أو لهذا التغول.

وغالبا ما يكون هذا المسؤول الكبير في الدولة غاضبا على الدولة.

و محتجا عليها.

وغير راض عن ما يقع في دواليبها.

وغير راض عن ما يتعرض له فلان أو علان من مضايقات.

فيتصل بالصحافي النصاب في الخيال ويخبره بذلك.

فيتحول الخيال المحض إلى خبر. و إلى افتتاحية. وإلى فيديو. وإلى بودكاست. وإلى موقف حقوقي. وإلى ما لا يخطر على بال.

وقد تكون للدولة منابرها.

وقد يكون لها صحافيون يشتغلون لتلميع صورتها ومؤسساتها.

وقد تشغلنا الدولة.

وقد توظفنا.

وقد تستغلنا.

لكن الصحافي المغربي النصاب يذهب به الخيال الصحفي بعيدا ويختلق قصة المسؤول الكبير في الدولة.

الذي يجب أن يكون نزيها.

و له غيرة على الدولة.

فيقدمه على طبق من ذهب للقارىء.

ويضيف إليه البهارات. على طريقة الراحل محمد حسنين هيكل.

بينما لسنا في مصر ناصر.

ولسنا محمد حسنين هيكل.

وقد يحدث أن يتصل مسؤول كبير في الدولة بصحافي واحد. من يدري.

ربما يحدث الأمر مرة واحدة.

لكن ما لا يمكن أن يحدث أبدا هو أن يتصل بكل خريجي مدرسة الريف الأسكتلندي.

بمن فيهم العاطلون عن العمل.

حيث يعرف معظم من يمارس هذه المهنة هذه الحيلة.

ومن يستعملها.

ويمكنك أن تسأل أي صحافي نزيه وكفء ولا حسابات له وسيؤكد لك أنه لم يسبق أن اتصل به أي مسؤول كبير في الدولة.

ولم يسبق أن اتصل هو بأي مسؤول كبير.

ولم يحدث أن أخبره بأي شيء.

و لا قال له هو أي شيء.

ولم يسبق أن تبادل معه أطراف الحديث حول موضوعات الساعة.

ولم يسبق أن التقى به صدفة.

لكن ما يميز الصحافي النصاب في المغرب أنه دائما على اتصال بالمسؤول الكبير في الدولة.

ودائما يلتقيه صدفة في الداخل

وفي الخارج.

وفي نزهة.

وفي المقهى. وفي المول.

وفي القطار.

وفي الطائرة.

وهي عادة رائجة في الصحافة المشرقية

لكن من المستحيل أن تحدث أبدا في المغرب

وقد تحدث

ويكون الشخص مسؤولا

لكن ليس بكل ذلك الكبر الذي يدعيه الصحافي المغربي النصاب.