أنس العمري – كود //

باركا من الاستهتار راه غادي نوليو نشوفو غير لكَنايز. هاد العبارة القاسية لم تجد “كَود” أنسب منها لتوصيف الوضعية التي تعيشها الدار البيضاء ومدن أخرى، في ظل التصاعد الكبير بها في عدد الإصابات والحالات الحرجة بفيروس كورونا نتيجة هذه الموجة الوبائية الشرسة التي يتوسع انتشارها يوما يعد آخر.

وهي نابعة من الصور المؤلمة التي تشهدها أقسام الإنعاش، بعضها صعق من تابعها في تقرير مصور عرضته القناة الأولى في النشرة المسائية لأول أمس، بينما أخرى طلت بوجهها القاتم من بيوت، تحولت إلى مآثم بعدما خطف “كوفيد-19″ أحد من يسكنوها أو أكثر، في وقت تخيم بداخل أخرى أجواء قلق رهيب، في انتظار أن تسمع أخبارا سارة عن أقرباء لهم ما زالوا يصارعون هذا الفيروس اللعين إما في المستشفيات أو في منازلهم.

ليصبح بذلك هذا المظهر المخيف المتحكم في إيقاع الحياة بالعاصمة الاقتصادية، حيث انتقلت الحركية فيها من شكلها التجاري المعروف عنها، إلى شكل لم يعهده وما زال لم يستوعبه عقل الكثيرين.. يسوده علو أصوات منبهات سيارات الإسعاف المخصصة لنقل المصابين بـ”كوفيد-19” وحركتها الكثيفة بالمدينة، وتزيده سوداوية تضاعف مرور سيارات نقل الأموات في تجاه المقابر.

وهو تغير يكشف عن مدى المأساة التي تمر منها أكبر مدن المملكة والمرحلة الدقيقة جدا التي تمر منها.  وقبل ذلك مؤشر على أن المعركة اشتدت ولم تنته، كما يرتسم في ذهن بعض المتهورين، حتى مع استمرار التقدم الجيد في الحملة الوطنية للتلقيح.

فالمخاوف ما زالت كبيرة ومرعبة من أن نفاجئ بأعداد مهولة من المصابين في القادم من الأيام… وما ترتعد منه فرائس الجميع هو سيناريو مشاهدة ما هو أكثر قساوة مما نعيشه اليوم.

لذا، فإننا جميعا ملزمين اليوم أكثر من أي وقت مضى، مع هذا التحول الخطير في وتيرة تفشي الفيروس، باستحضارنا جميعا روح المسؤولية وحس المواطنة عبر الحرص على احترام الإجراءات الاحترازية وكسر سلسلة التراخي والتهاون التي اتسعت دائرتها، أخيرا، وذلك للخروج البلاد إلى بر الأمان في أفق تحقيق المناعة الجماعية، والتي تبقى مرحلة ننشدها بلوغها جميعا بسلام للعودة إلى الحياة الطبيعية.