حميد زيد – كود//
ذلك الأربعيني.
الذي كان في العشرين من عمره عندما خرجت له روبي من الشاشة لأول مرة.
ومن قناة ميلودي بالضبط.
خرجت كمفاجأة سارة.
خرجت في يوم تاريخي مشهود لن ينساه أحد.
ذلك الأربعيني هو نفسه الذي يعبر عن فرحه اليوم أكثر من غيره بحضور روبي إلى مهرجان موازين.
وليس هو وحده.
بل من هم أصغر منه. ومن يكبرونه. أيضا. الذي أتيح لهم أن يروا روبي ترقص في شوارع دولة أوربية في أول كليب لها.
ومنذ ذلك الحين وهم يتذكرون الأثر الذي تركته في مراهقتهم وشبابهم.
ولذلك ظل “العربي” في كل مكان ينتظر دائما روبي.
ويحن إليها.
ولو خفية.
ولو دون أن يعلن عن ذلك صراحة.
ولو بعيدا عن الأعين.
بينما روبي تظهر وتختفي.
وتأتي كل المغنيات.
و تأتي كل أنواع الإثارة الرخيصة.
بينما ظلت روبي نادرة. وقليلة. ولا تأتي.
ولذلك. وبمجرد أن ظهر الخبر. حتى انتشرت صورها في الفيسبوك.
وأن تأتي روبي متأخرة إلى المغرب خير من أن لا تأتي.
وقد يقول قارىء إن هذا الخبر تافه.
والمعنية به تافهة.
وكاتب المقال تافه.
بينما لا يقول ذلك إلا من يجهل أثر روبي.
والعمق الذي بلغته في نفوس الجيل الذي عاش ظهورها.
حيث لن يستطيع كل عمق العالم أن ينزع روبي من قلوب جمهورها.
وينزع الأثر الذي تركته فيهم.
ولن يستطيع كل عمق العالم ورسائله الهادفة أن يستوعب نظرة من روبي.
كأنها بريئة.
كأنها لم تكن تقصد.
كأنها لم تفعل أي شيء.
كأنها حقا لا تقدر أن ترفع عينيها. وتنظر إلينا.
و ليست دراجة روبي وحدها هي السبب.
لا. ليست.
بل كل ما تمثله هذه الفنانة المصرية من قيم. ومن مواقف. ومن لوك. ومن جمال. ومن حس فني. ومن محلية.
وبينما كانت الفنانات في كل مكان يتخلْجَنّ في روتانا.
وفي وناسة.
ويخضعن لذوق الأمير.
ولذوق الخليجيين.
ظلت روبي مصرية.
وظلت حرة.
وظلت تغني بمزاجها.
وترقص بمزاجها.
غير خاضعة لأي أحد.
ولا لجمهورها.
ولا للشهرة التي حظيت بها.
ولا لما يمكنه أن يدره عليها الظهور الكثير في الحفلات.
وفي العقود.
وفي المهرجانات.
بل حتى في أدوارها التمثيلية. فإنها لم تخذل كل من عول عليها في هذا المجال.
وكانت متميزة.
وتختار أدوارها بعناية.
جاعلة من التفاهة فنا محترما.
و شيئا ضروريا وحيويا للإنسان في هذه المنطقة
وفي هذه الثقافة
التي تحارب الفرح. والضحك. والتسلية. والإغراء. والحرية. بدعوى العمق المفترى عليه.
وفاضحة بذلك زيف المواقف الأخلاقية من الفن. وزيف الالتزام. وزيف السياسة.
ومع الوقت.
اكتشفنا ادعاءات كل من كانوا يهاجمونها.
بينما ظلت روبي حاضرة بقوة
رغم كل هذه الأعوام التي مرت
في قلب الرجل المغربي الكهل
الذي يتخلى اليوم مضطرا عن كل وقاره.
ويفرح مثل طفل
بحضورها هذه السنة في مهرجان موازين.
وقد كانت هناك إثارة قبل روبي وبعدها.
كانت هناك لبنانيات بالجملة
وكان عري
وكان غنج
وكان سخف فني
وكانت فنانة تغني وترقص في البانيو
وكانت هيفاء تتوجه إلى الإنسان العربي من الخليج إلى المحيط كي يبوس الواوا
لكنها لا هيفا وهبي
ولا غيرها
استطعن أن يكن لهن هذا الأثر الذي تركته روبي
ولا هذا التقدير
ولا هذا الاحترام
ولا هذا السر
الذي يجعل الرجل المغربي الكهل
يفرح
مثل طفل
بقدومها إلى المغرب.
دون أن يجرؤ في الغالب على حضور حفلها في موازين
خوفا من الفضيحة
ومن أن ينكشف أمره
و خوفا من عواقب ذلك
عليه
وعلى محيطه
وعلى ما يمكن أن تتسبب فيه روبي
من سوء فهم
رغم كل هذا الغياب الطويل
ورغم مرور عقدين ونيف على أول ظهور لها
ورغم خجلها
القاتل.