حميد زيد ـ كود//
كل ما نعيشه حاليا في المغرب.
كل هذه العجائب.
كل هذه الأصوات.
والتحليلات.
والبودكاستات.
والمحتويات.
كل هذا الإنتاج الثقافي.
كل هذا الفكر.
كل هذا التقدم.
كل هذا الانفتاح.
كل هذا التألق.
كل هذا التحول بدأ مع اقتحام سينا للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش.
ومعها انطلق المغربي.
ولم يعد يفكر في العواقب.
وفي الآخر.
فالمغرب قبل اختراق سينا للحواجز الأمنية للمهرجان.
ومرورها في البساط الأحمر.
على ظهر دراجة نارية.
ليس هو المغرب ما بعد هذه الحادثة المؤسسة لكل ما أتى بعدها.
قبل كان المغربي حذرا.
كان ينظر إلى ما بعد.
كان يفكر ألف مرة قبل أن يقدم على أي خطوة.
وقبل أن ينطق بأي كلمة.
وبعد ذلك صار المغرب مستعدا لأي شيء.
وبالفور يا الشيفور.
ويكفي أن نكون نزهاء وغير منحازين كي نعترف باستثنائية الحدث.
وريادة سينا.
لقد وقع ذلك عام 2009.
وفي تلك السنة قام مهرجان مراكش بتكريم إمير كوستوريتسا.
لأن لا شيء يحدث بالصدفة.
ووجود المخرج الصربي في القصة ليس بريئا.
وكأن البطلة هنا خارجة من فيلم من أفلامه.
وفي وقت يتحدث فيه العالم عن “جيل. ”Z
الذي ولد مع الأنترنت والفيسبوك.
والشاشة المحمولة في اليد.
والإصبع التي لا تكف عن النقر.
فإن المغرب عاش هذه الفترة الحاسمة من التاريخ.
وانتقل من جيل إلى جيل.
ودخل المستقبل بطريقته الخاصة.
التي كانت جنونية.
وغير مسبوقة.
وإذا كان من تعريف لما نعيشه في هذه الأوقات في المغرب.
فهو يشبه “فتاة تمر فوق بساط أحمر على ظهر دراجة نارية.
بلباس تايكوندو”.
ثم ما هو الجمال في النهاية.
أليس الجمال هو”لقاء غير متوقع بين ماكينة خياطة ومظلة على طاولة تشريح” كما جاء في النشيد السادس من أناشيد مالدورور للشاعر الفرنسي لوتريامون.
لكن هناك من يريد أن يغمط الفنانة سينا حقها.
هناك من يدعي أن جيلا بأكمله هو الذي صنع هذا المجد المغربي.
بينما يجب أن نؤمن بالأفراد وبما قدموه.
يجب أن نكون منصفين.
يجب علينا أن نتشبع بثقافة الاعتراف.
ولن نخسر شيئا إذا ما نحن اعترفنا بالدور الذي لعبته سينا في المغرب الحالي.
قبل أن تتحول إلى مؤثرة.
ثم مغنية ناجحة في تركيا.
وبعد أن فعلت سينا ما فعلت.
تحرر العقل المغربي.
ولم يعد أسير قيوده.
كما أنه تجاوز نظريات الأجيال
وخرج من سجن التصنيفات.
ورسم طريقه الخاصة به.
كما اختفت الحدود.
فأصبح كل شيء يحدث نراه طبيعيا ويدخل في خانة العادي والمقبول.
وقد حاولت الدولة في البداية أن تتدخل. لكنها قررت في لحظة من اللحظات أن تساير التقدم.
والتحول المغربي السريع.
وبعد سينا بدأ يظهر ما لا يمكنه تخيله في بلاد أخرى.
وحاول الجميع اللحاق بها.
لكنها سبقت كل المغاربة راكبة فوق دراجتها النارية.
منطلقة من الواقع.
ثم جاءت حركة 20 فبراير باحثة عن حل جماعي.
لكن الفرد هو الذي انتصر.
وفشلت الحركة.
و لم يسقط أحد.
وليعود المغربي من جديد باحثا عن خلاصه كفرد.
مشتريا ميكرو.
مستخدما عجيزته للحصول على المال.
غارزا سكينا فيها.
مشتغلا في الصحافة.
محللا الوضع.
على متن سيارته.
حاصلا على البطاقة المهنية.
متحكما في المقود.
قبل أن تحدث القطيعة.
وينتقل الدكتور محمد الفايد إلى الصف الحداثي.
متخليا عن الأعشاب.
والجيلاتين في الياغورث المستخرج من لحم الخنزير.
وتحاول مايسة سلامة الناجي تأسيس حزب حداثي لجيل Z.
يعيد للسياسة جاذبيتها.
وفي اللحظة الحاسمة والمفصلية
تظهر قضية عينيها في موسوعة غينس باعتبارهما أوسع عينين في الكون.
فيتأجل كل شيء.
وبعد ذلك مباشرة يظهر عبد الإله في مراكش
ويظهر السردين بخمسة دراهم
فيبحث عنه المغاربة ولا أحد يعثر عليه.
وينقسمون إلى فئتين.
واحدة تقول السردين موجود.
والثانية تنفي وجوده.
وتظهر فرق.
ونحل.
وتأويلات.
ومدارس.
ويأتي رمضان
والحشوة.
ويأتي العجب العجاب.
لكن من ركب الأول الدراجة النارية
من اخترق الحاجز الأمني.
من محا الحدود بين العقل واللا عقل
من مشى فوق البساط الأحمر
من خلخل المفاهيم
من أسس لهذا المغرب.
من كان له قصب السبق.
من صنع هذا المغرب العصي على كل محاولة للفهم.