حميد زيد – كود//
في وقت من الأوقات كان عندنا ماكرونيون مغاربة.
وأتذكر أنهم أسسوا فرعا لحركته “إلى الأمام” في المغرب سنة 2017.
وقبل أن يكون له حزب كانوا معه.
وقبل أن يكون رئيسا كان الماكرونيون المغاربة ماكرونيين.
وقبل أن يكون له حارسه الشخصي ألكسندر بنعلا كانوا هم في صفه.
وقد قرروا دعمه في الانتخابات الرئاسية الفرنسية من الدار البيضاء. وفاس. والرباط. وخريبكة. ومراكش. وسلا.
كما أنهم كانوا ينتظرون زيارته على أحر من الجمر.
كانوا أنصارا له هنا في المغرب.
كانوا فرعا له.
وعندما تمطر في باريس كانوا يحملون المظلات في الرباط.
لكن أينهم الآن.
أين اختفى الماكرونيون المغاربة.
فبعد أن كانت الماكرونية موضة سياسية.
صارت اليوم سبة.
صارت شتيمة.
صار الماكروني منسحبا.
صار الماكروني يخجل من أن يكون ماكرونيا.
صار الماكروني يتهرب من ماضيه الماكروني.
صار ماكرون بلا جمهور. ولا أتباع. ولا فانز.
صار لوحده.
ولا أحد يرغب اليوم في أن يوصف أو ينعت بالماكروني.
لا أحد يرغب في أن يكون مقربا منه.
لا أحد يرغب في أن يكون مستشارا له.
لا أحد صار يؤمن بالماكرونية.
وبعد أن كانت الماكرونية حركة وخطابا وتوجها سياسيا جديد مرتبطا بالرئيس الفرنسي.
أصبحت اليوم تعني كل ما هو سلبي.
ولم يحدث أن خسر رئيس فرنسي الداخل والخارج كما خسرهما إيمانييل ماكرون.
وأينما حل وارتحل تواجهه الاحتجاجات.
والعتب. واللوم.
وفي إفريقيا. وفي قلب باريس. الكل يحتج على ماكرون.
ولم يعد يسعفه الفيسلوف “ألان”. ولا توظيفه.
ولم تعد تسعفه سردية تتلمذه على المفكر بول ريكور.
و لم تعد تنفعه صورة الرئيس الشاب. و المثقف. والبرغماتي. والقادم في الآن نفسه من عالم المال. ومن الاقتصاد. والأبناك.
وقد كان ظهور ماكرون صاخبا.
كان خطابه حقا جديدا.
كان أملا.
كان حلا لمأزق اليمين الجمهوري ويسار الحزب الاشتراكي.
كان “مبهرا” كما وصفه الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس.
كان طريقا ثالثة على الطريقة الفرنسية.
كان خلاصا من الإيديولوجيات المحتضرة.
كان محاولة للحاق ب”الغرب”.
كان أملا لتقدمية جديدة. ولليبرالية اجتماعية. لا تفرط في المكتسبات. وفي الخصوصية الفرنسية.
لكن الماكرونية خفتت.
وأفل نجمها.
وظلت مجرد خطاب. ولم تنجح التوليفة.
وبدل أن يقف ماكرون في الوسط. سقط في توجه يميني لا يقبله المواطن الفرنسي.
ولا تقبله دولة- الرعاية. و”اشتراكية” فرنسا الكامنة. وغير المعلن عنها.
كما أنه أخفق في الحفاظ على علاقات فرنسا وصداقاتها.
خاسرا معظم مواقعها.
منسحبا.
مطرودا في بعض الحالات.
لذلك لم يعد أحد يجرؤ على أن يصرح أنه ماكروني.
لا في فرنسا.
ولا في أي مكان.
وقد كان عندنا ماكرونيون مغاربة لكنهم اختفوا بدورهم.
وحتى لو كانوا مخلصين له.
فإن الرئيس الفرنسي يحرجهم في كل مرة و لا يساعدهم بتصريحاته بخصوص المغرب في أن يستمروا في دعمه.
وفي أن يظهروا من جديد.
ويعلنوا عن دعمهم له في هذه الظروف الصعبة التي تجتازها الماكرونية.
وتواجه فيها الشارع الفرنسي الغاضب من مشروع إصلاح نظام التقاعد.