وربما كان عليها أن تبتكر حتى نظاما آخر، لكي تثبت بالفعل أنها تملك حقا القدرة على إقناع الناس بمقترحاتها….
لنطرح سؤالا أوليا: هل يحق لبعض زملائنا الصحافيين وبعض المتابعين للحراك الدستوري اليوم أن يطالبوا بسقف عال في الاصلاحات؟
طبعا ,بل هو الواجب الادبي والمعنوي الذي عليهم أن يدافعوا عنه.
لكن هل يمكن أن نختزل كل ما يقدم في عبارة بسيطة تقول بأن كل ما تقدم تنقصه الشجاعة أو ينقصه الابداع والخيال؟
لا نعتقد ، لأننا عندما نتحدث في مجال الديموقراطية, فإن هناك معايير كونية تسري على الانظمة وتسري على الافكار المتداولة سياسيا.
ونحن أمام هذا الوضع لا يمكننا سوى أن نلائم ونطوع تاريخنا لكي يمشي مع تاريخ البشرية.
لكن يبدو أنه لا الملكية البرلمانية يبدو أنها تقنع بعض الرأي العام الاعلامي بالاساس
ولا الملكية الدستورية الديمقراطية الاجتماعية
ولا حتى المطالبة بإلغاء الفصل 19
كما لو أن الدساتير الموجودة في العالم الديموقراطي اليوم غير قادرة على أن تكون مادة مقنعة لزملائنا ولبعض المحللين.
قد نفهم موقف المناضلين الذين يطلبون من ذواتهم الشيئ الكثير أو يطلبون حتى نظاما مثاليا قادرا على أن يلبي في نفس الوقت الحاجة الى المثال السامي والحاجة الى الفعل الديموقراطي في نفس الوقت.
بل قد نفهم حتى كونهم لا يريدون أن يتنازلوا ولو قيد انملة عن نمودج الديموقراطية كما تعرفه دول أخرى ومجتمعات أخرى جربت الانتقال الديموقراطي بدورها.
لكن ما لا نفهمه هو الاصرار على تبخيس كل حركة سياسية تأتي من الاحزاب, في الوقت الذي يردد الجميع أنه لا ديموقراطية بدونها.
فلا أحد يبدو أنه متحمس للملكية الديموقراطية والبرلمانية، حسب هذا الرأي.
وعندما يوجد من يرفع الشعار ويحاول تأصيله في الواقع وايجاد بنية ملموسة له في السياسة. هناك من يقول بأنه لا يمكن أن ندعو إلى ذلك, لأن الاحزاب لا قدرة لها ولا ابداع لها ولا شجرة..
وما زلنا نذكر كيف أن بعضا منا سعى الى « اهدار دمنا» الفكري والسياسي لأننا وضعنا على الاجندة الوطنية الاصلاحات الدستورية وايضا الملكية البرلمانية
فقد كانت في بعض الاعراف ما يشبه الزندقة والخروج عن الملة.
وكانت المطالبة بمثابة هروب الى الأمام ، والقاء المسؤولية على عاتق آخر، وربما هناك من رأى فيها محاولة للي ذراع الملك.
وبالرغم من كل ذلك? كنا نقول بأن الأمر لا يحتاج بالضرورة ردا، لأن الرد في مثل هذه الحالات يقدمه التاريخ نفسه.
وهو لا يقرر دائما ما نكتبه على صفحات جرائدنا، بل يسهر بالقرب من الواقع وما يدور في العالم لكي يصنع به ما يريد.
لقد اتهمت الاحزاب, التي تستحق اسمها طبعا , بأنها لا تملك تصورا للاصلاح
وعندما قدمته قيل بأنها لا تريد الاصلاح, بل تريد الهروب الي الامام
وعندما اصبح الاصلاح موضوعا على الساحة ، ساحة الحسم، يتم التنقيص منه وتقديمه كما لو أنه لا شيئ وكما لو أن البلاد برمتها لا تملك فكرة عم تريد اصلاحه.
هناك ولا شك صعوبة كبيرة في فهم منطق مثل هذا التداعي السلبي ضد الفكرة الحزبية. وقدرتها على صناعة ديموقراطية في بلادنا.
وهو ما يذكرنا بالاجواء التي تلت 2007 و2008، وكيف ان الترويج لمثل هذه التراويج مقدمة لتقديم جواب عن هذا المشكل الكبير الذي اسمه عجز الاحزاب، وهو الحل الذي سرعان ما اصبح مشكلة سياسية عميقة في المغرب ينتظر العالم كيف سنخرج منها.
لقد عرف المغاربة دوما بأنهم يفضلون المعقول على أي شيء آخر، فقليلا منه ، رجاء ، فهو لن يقتل أحدا.