كود الرباط//
مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، لي جا في إطار تنزيل دستور 2011 الذي نص على قانون تنظيمي ينظم ممارسة حق الإضراب.
وتعول الحكومة، على مشروع القانون التنظيمي الخاص بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، في صيغته الجديد، في تكريس الدولة الاجتماعية كأفق سياسي واجتماعي، كما أنه سيسمح لبلادنا بتحسين مناخ الاستثمار عبر ترسيخ مناخ اجتماعي يتسم بالثقة والتكامل بين الشركاء، مما سيسمح بالمضي قدما في مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وحسب مصدر مقرب من الأغلبية الحكومية، فإن مشروع القانون التنظيمي بتكريسه لحق الإضراب سيقوم بتحصين العدالة الاجتماعية والحقوق والحريات، مضيفا أنه “من شأن اعتماد هذا المشروع كذلك، ترسيخ نموذج سياسي واجتماعي فريد يجمع بين متطلبات الديمقراطية التمثيلية والمقاربة التشاركية التي صُمّمت في الأصل لاستكمال البناء الديمقراطي. وقد شكل الحوار الاجتماعي تجسيدا واضحا لهذا التكامل”.
وبالرجوع إلى تاريخ هذا المشروع، منذ 2016 لم تستطع الحكومة برمجة مناقشته لدواعي متعددة، منها على الخصوص غياب دينامية الحوار الاجتماعي، وعدم إشراك الشركاء الاجتماعيين خلال مرحلة إعداده قبل إيداعه في البرلمان.
في المقابل، عملت الحكومة الحالية على مأسسة هذا الحوار عبر التوقيع على الميثاق الوطني لمأسسة الحوار الاجتماعي، والاتفاقين الاجتماعيين التاريخيين اللذين أكدا ضمن الالتزامات الواردة فيهما على إخراج القانون التنظيمي المتعلق بشروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب إلى حيز الوجود؛
وعلى رأس هذه الاتفاقيات، نذكر الاتفاق الاجتماعي لـ29 أبريل 2024، الذي جاء لتنفيذ الالتزامات المتبقية من الاتفاق الاجتماعي لـ30 أبريل 2022، نص على برمجة مناقشة مشروع هذا القانون والمصادقة عليه خلال الدورة البرلمانية الربيعية لسنة 2024 والاتفاق
1/ ضمان انسجام مشروع القانون التنظيمي مع أحكام الدستور، ومع التشريعات الدولية المتعلقة بممارسة حق الإضراب؛
2/ تأطير ممارسة حق الإضراب، سواء في القطاع العام أو الخاص، بما يضمن التوازن بين ممارسة هذا الحق الدستوري وحرية العمل؛
3/ تدقيق مختلف المفاهيم المتعلقة بممارسة حق الإضراب؛
4/ ضبط المرافق التي تستوجب، بالنظر لطبيعتها وخصوصيتها الحيوية، توفير حد أدنى من الخدمة خلال مدة سريان الإضراب؛
5/ تعزيز آليات الحوار والتصالح والمفاوضة في حل نزاعات الشغل الجماعية.
ومن هذا المنطلق، فقد عملت الحكومة على إجراء مشاورات موسعة همت الشركاء الاجتماعيين والقطاعات الوزارية المعنية بشأن مشروع هذا القانون التنظيمي، حيث تم عقد سلسلة من اللقاءات التشاورية تعدت 22 شهرا من النقاش فاقت 65 لقاءً، منها 30 لقاء مع الشركاء الاجتماعيين، و20 آخرين مع القطاعات الحكومية المعنية، والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئاسة النيابة العامة، بالإضافة الى 15 جلسة عمل مع رئاسة الحكومة خصصت جميعها للمشاورات والمناقشة حول مشروع هذا القانون التنظيمي في صيغته الأصلية؛
وفي هذا السياق، نشير بأن الشركاء الاجتماعيين عبروا عن رغبتهم القوية في الانخراط في المشاورات بكل جدية ومسؤولية والإسهام في النقاش قصد تقريب وجهات النظر وإثراء مقتضيات هذا المشروع بالمقترحات المرتبطة بالممارسات العملية للإضراب والتجارب الدولية ذات الصلة وتوطيد دعائمه؛
وبخصوص المسار التشريعي لهذا المشروع، فقد عرف عقد أربع جلسات من النقاش الجاد والمستفيض بإسهام كل ممثلي الأحزاب والفرق البرلمانية الممثلة بالمجلس، بحيث تم تنظيم جلسة تقديم بتاريخ 16 يوليوز 2024 أمام لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، ثم جلسة المناقشة العامة يوم 18 يوليوز 2024؛
وبعد صدور رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ومذكرة المجلس الوطني لحقوق الانسان بناء على طلب رئيس مجلس النواب، تم عقد جلسة المناقشة التفصيلية لمضامين المشروع بتاريخ 31 أكتوبر2024.
وبتاريخ 3 دجنبر 2024 صادقت لجنة القطاعات الاجتماعية بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي بعد مناقشة طويلة دامت أزيد من 17 ساعة، لتختتم المرحلة الأولى بمجلس النواب بعقد الجلسة العامة المخصصة للمناقشة والتصويت بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب برمته بتاريخ 24 دجنبر 2024؛
وعلى ضوء جلسات الحوار الاجتماعي حول مشروع القانون التنظيمي، تمكنت الحكومة من تقديم تعديلات جوهرية، ساهمت في تحقيق الإجماع حول مجموعة من المواد الهيكلية لا سيما منها المادة الأولى والمادة الرابعة وحذف الإضرابات الممنوعة والعقوبات الحبسية والإحالة على العقوبات الجنائية الأشد؛
ومن بين أهم مستجدات مشروع القانون التنظيمي، كما وافق عليه مجلس النواب مؤخرا نسرد ما يلي:
1/ توسيع الفئات المعنية بممارسة حق الإضراب ليشمل المهنيين، والعمال المستقلين والعمال غير الأجراء (TNS) والعاملات والعمال المنزليين، والمنجميين والبحارة والبوابين والصحافيين، وباقي الفئات الخاصة من الأجراء؛
2/ بخصوص تعريف الإضراب تم إضافة عبارة التوقف الكلي أو الجزئي عن العمل وحذف عبارة “بصفة مدبرة”؛
3/مراجعة تعريف القطاع العام ليصبح: “الخدمات العامة التابعة للدولة، والجماعات الترابية، والأشخاص الاعتباريين الخاضعين للقانون العام المرتبطين بها، بالإضافة إلى المؤسسات العامة التي لا تتمتع بطابع صناعي أو تجاري، وأي شخص اعتباري آخر يخضع للقانون العام”؛
4/ إضافة تعريف القطاع الخاص ليصبح: “الأشخاص الطبيعيون والاعتباريون، دون المشار إليهم في تعريف القطاع العام، الذين تربطهم علاقة شغل بأجرائهم”؛
حذف منع الإضراب لأهداف سياسية والإضراب بالتناوب؛
5/ توسيع الجهات الداعية إلى الإضراب لتشمل النقابات ذات التمثيلية على مستوى المرفق العمومي؛
6/ تمتيع مجموعة من أجراء القطاع الخاص من الدعوة إلى الإضراب من خلال لجنة الإضراب، مع تخفيض شروط اتخاذ قرار الإضراب وحذف الإجراءات القبلية لعقد الجمع العام؛
7/ حذف مسطرة التسخير؛
8/إلغاء العقوبات السالبة للحرية والإحالة على العقوبات الجنائية الأشد؛
/9 ملاءمة بنية النص على مستوى الهيكلة وانسجام مضامين المواد وتدقيق المصطلحات.