حميد زيد – كود//

نحتاج في المغرب إلى خصام سياسي حقيقي.

نحتاج إلى غياب أي مشترك بين الفرقاء.

نحتاج إلى أحزاب في عراك دائم مع بعضها البعض.

نحتاج إلى عداوة سياسية.

نحتاج إلى كل ما يفسد للود قضية.

نحتاج إلى تناقض صارخ في ما بيننا.

نحتاج إلى هدم الجسر.

نحتاج إلى غياب أي مكان يمكننا نلتقي فيه.

نحتاج إلى أن لا نرحب ببعضنا البعض.

نحتاج إلى الابتعاد عن ثقافة الترحاب هذه.

وتوجيه الدعوة للجميع.

نحتاج إلى العراك السياسي.

وإلى القطيعة.

نحتاج إلى أن يسلك كل حزب طريقه.

فهذا التظاهر بقبول كل الآراء. وكل المواقف. مدمر.

وهذا الحب السياسي

وهذا العناق.

وهذه الكلمات الجوفاء.

وهذه الضحكات الصفراء.

وهذه الأخوة الحزبية المزيفة.

وهذه الصفوف الأمامية التي يجلس فيها الضيوف.

كل هذا قاتل.

كل هذا فيه إفساد للسياسة المغربية.

التي صارت فارغة.

و بئيسة.

وكل الأحزاب فيها تتشابه في ما بينها.

واليساري يخطب ود اليميني ويترجاه أن يجد له موطىء قدم في الحكومة.

وأن يمنحه حقيبة.

والإسلامي يرغب في أن يسخن الاتحادي كتفيه.

واليساري يصغر ويصغر ويذوب في الإخواني.

وبعد أن ينفض الشمل.

وبعد أن يفقد المحافظ الديني أغلبيته وحكومته.

يعود اليساري إلى حلفائه الحقيقيين.

منطلقا من الصفر.

كل هذا اللعب السياسي المغربي صار مفضوحا.

وجعل المغربي ينفر من الأحزاب

ومن السياسة.

ومن الانتخابات.

كل هذا التشابه.

كل هذا الإجماع.

كل هذه الرغبة الجامحة في أن يدخل الجميع إلى الحكومة.

وألا يبقى أحد خارجها.

كل هذا التطبيق للتعليمات الملكية.

كل هذا التنافس على تطبيق ما هو موجود. ومحدد سلفا.

كل هذا الغياب لكلمة لا.

كل هذا الأفق المحدد.

كل هذا الاتفاق على الدولة الاجتماعية

ولا من يعارضها.

ولا من إلترا ليبرالي حقيقي يرفضها.

ويرفض أن ينفق دافع الضرائب على من لا شغل لهم.

ولا من متطرف يميني. يعبر عن هذا الرأي.

كل هذا صار لا طعم له.

صار مضيعة للوقت وللمال وللطاقات.

كل هذا صار غير مجد.

و غير نافع.

كل هذا صار ريعا

ومحاولة للتغطية على موت السياسة في المغرب.

وحسنا فعل حزب العدل والتنمية

حين قرر أن لا يوجه الدعوة إلى عزيز أخنوش وادريس لشكر

لحضور افتتاح مؤتمر الحزب الإسلامي

وهي خطوة جيدة

قد تعيد للخصام السياسي دوره

وقد تجعل الصراع يبدو حقيقيا وليس مفتعلا.

فالمودة المبالغ فيها كاذبة.

والحقد ضروري

و أي سياسي هو في حاجة إليه.

وأي حزب

وأي إيديولوجية

هي في حاجة إلى نقيض لها

وإلى أعداء

بدل كل هذا الترحاب الكاذب.

وبدل تبادل التحايا

والكلمات الرقيقة.

وبعد أن ينصرف الضيوف

يبدأ الطعن السياسي من الخلف.

ولذلك

نحن في أمس الحاجة

إلى لا نرحب ببعضنا البعض.

وإلى أن لا نلتقي

وإلى أن نتناقض

كي لا يقتلنا التشابه والوفاق والتوافق والمشترك وتحالف الجميع مع الجميع

و كل هذه الكلمات

التي استنفدت مدة صلاحيتها.

و أصبح وجودها

ضارا

ويهدد الخلاف والصراع والتنافس

الذي هو ملح السياسة

وملح أي مجتمع حي. ويتطور. ويتجاوز أخطاءه.

وتدفعه تناقضاته

إلى الأمام.

وإلى المستقبل.