لوالي الزاز -كود- العيون////
أُسدل الستار السبت 15 فبراير 2025، على معركة الحظوة بمنصب نائب مفوضية الاتحاد الأفريقي على هامش القمة الأفريقية الثامنة والثلاثين، بفوز الجزائر بالمنصب ممثلة بمرشحتها سلمى مليكة حدادي، وهو الفوز الذي جعل المغاربة يطرحون جملة من الاستفهامات حول سببه في ظل التقدم المغربي الملحوظ أفريقيا وروابطه وعلاقاته الداعمة حتى قبل العودة للحاضنة الأفريقية.
على ضوء هذه الهفوة الأفريقية والمحاولات المعادية الرامية لجعلها فتحا مبينا ونصرا مؤزرا على حساب المملكة المغربية، لايمكن إغفال هذه “الزلة” الدبلوماسية بل ولا يمكن تجاوزها ويتوجب محاسبة المتسببين فيها وأولهم وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج، ناصر بوريطة، وذلك لعدة أسباب مهمة مرتبطة بمنح دبلوماسيتنا فارقا ومساحة مريحة للذود عن الوحدة الترابية للمملكة المغربية وترسيخ مغربية صحرائنا وبفارق كبيرا جدا أفريقيا، ولهذا وجب مناقشة أسباب هذا الإخفاق الذي لم يكن عاديا ولن يكون كذلك لأنه كان أمام من يتبجح بكونه عدوا لا يدخر جهدا في تجسيد عقيدة العداء ضد المملكة المغربية ووحدتنا وسيادتها الوطنية، بل وعدو حقيقي لا يتوانى في استهدافنا كدولة ذات سيادة ومؤسسات دستورية وكمغرب ومغاربة.
بوريطة: إخفاق في الاختيار والزج بأخرباش في أتون أفريقيا
لاشك أن السبب الأول لإخفاقنا في معركة الفوز بمنصب نائب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي يتحمله وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج، ناصر بوريطة، الذي فشل فشلا ذريعا في اختيار مرشح المملكة المغربية مع كامل الاحترام للطيفة أخرباش، إذ يحتاج المنصب الأفريقي لشخصية أكثر حضورا على المستوى الأفريقي وعلى دراية بالمنظمة الأفريقية وألاعيبها وكواليسها ودواخلها، بمعنى شخصية قيادية حاضرة على المستوى الأفريقي تحظى براوبط وصِلات متينة بالقارة، وهو الشرط الذي لا يتوفر في مرشحة المغرب، وعاينا جيدا سجل مرشحة الجزائر الحاضرة والمدعومة من دبلوماسية العسكر من فوق وتحت الطاولة.
لم يُمَكن وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج، ناصر بوريطة مرشحة المملكة المغربية لطيفة أخرباش من الدعم اللازم المرجو في هكذا محطات مفصلية أفريقيا، إذ كان لزاما عليه مرافقتها أفريقيا وداخل المغرب من خلال حضور اجتماعاته بنظرائه في المغرب أو خارجه وتمكينها، وتمكينها من مساحة على غرار جولات في البلدان الأفريقية أو تأمين اجتماعات لها مع الدول الأعضاء في المنظمة الأفريقية المصوتة في القمة الثامنة والثلاثين، خاصة مع وجود حيز زمني كبير كان سيسمح لها بإقناع ممثلي الدول الأفريقية واستمالتهم، ما يعني أنه طوق حضورها ما جعلها عاجزة عن الترويج لنفسها كشخصية قادرة على الحصول على المنصب الأفريقي الهام.
بوريطة: مقاربة أنا والطوفان من بعدي في وزارة الشؤون الخارجية
ارتكب وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج، ناصر بوريطة خطأ جسيما ولا يزال يرتكبه عندما يقدم لنا نفسه في كل خرجة فاتحا مبينا، إذ لا يدخر جهدا في الاستحواذ على كل صغيرة وكبيرة فيما يخص وزارة الشؤون الخارجية، الشيء الذي حدَّ من خروج كفاءات مغربية للواجهة وبروز جيل دبلوماسي جديد للعلن بإمكانه مواكبة المعركة الدبلوماسية التي نخوضها لتثبيت سيادتنا الوطنية، وبالتالي فإن هذا الاستحواذ “المصور” كما يبدو حتى في لقاءاته مع نظرائه كان بمثابة وأد لفريقه والكفاءات المغربية العاملة خلف الكواليس والقادرة على خوض غمار المعركة الدبلوماسية بشراسة ووطنية وكفاءة ومهنية ومسؤولية.
هذا الاستحواذ على مفاصل وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج، وتهميش كفاءات وزارة الخارجية كان لا بد من جني تداعياته مع تحميل ناصر بوريطة مسؤوليته، وهي تلك الماثلة أمامنا الآن بعد فوز نظام العسكر بالمنصب الأفريقي الذي كان سيُمكننا من العمل لمدة أربع سنوات على وأد وإقبار كل محاولات التشويش على وحدتنا الترابية وسيادتنا الوطنية وصحرائنا المغربية، بحيث لم نجد “بروفايلا” دبلوماسيا بإمكاننا تقديمه ودعمه كوجه للمملكة المغربية.
من الآن أو من يوم السبت الماضي يتوجب القطع مع هذا التحكم الفج في وزارة الشؤون الخارجية ومنح فرصة أكبر لكفاءاتنا المغربية بالوزارة قصد دخول معترك الدبلوماسية بأريحية تمهيدا لصقل قدراتها وبناء جيل دبلوماسي قادر على اختراق مدى أفريقيا وحصونها المعينة، والقصد هنا ليس الدول المعترفة بمغربية الصحراء، بل الدول المترددة وحتى المعادية التي نحتفظ معها بعلاقات دبلوماسية وروابط كيفما كان نوعها.
بوريطة: كارثة الست دول الأعضاء المستبعدة من التصويت
سعى الكثير من المتتبعين أو “المحللين” ممن يطلقون على ناصر بوريطة لقب “مول المقص” للتخفيف من حدة فوز نظام العسكر الجزائري بالمنصب الأفريقي، واختلاق الأعذار للدفاع عنه ومجاملته عبر ترويج غياب ست دول أعضاء عن عملية التصويت بالنظر للعقوبة المسلطة عليها، ويتعلق الأمر بكل من الگابون والنيجر ومالي، ثم غينيا والسودان وبوركينافاسو، وجعل غيابها مؤثرا وسببا في هفوتنا الأخيرة، بيد أن تحليل هذه المقاربة وتشريحها يُظهر دون أدنى شك قصورها ومحدوديتها بشكل كبير في السماح بفوز نظام العسكر بالمنصب الأفريقي.
فبالحديث عن الست دول المذكورة يجب أولا تحليل مواقفها إزاء المملكة المغربية، وبالتالي سنجد الگابون وبوركينافاسو وغينيا كداعمين تاريخيين للمغرب لاسيما وأنهم يعترفون بالسيادة المغربية عن الصحراء، وحتى مالي والنيجر بالنظر للتوتر الحاصل في علاقتهما مع الجزائر، لكن ماذا عن السودان؟ وهل كانت ستصوت لصالحنا؟
الطامة الكبرى في هذه المقاربة المتعلقة بغياب ست دول أعضاء عن التصويت، هو تعليق الهفوة الدبلوماسية على شماعة غياب دول معروف أنها لن تصوت بحكم العقوبة المسلطة عليها أفريقيا بالنظر لحكمها العسكري، بمعنى أن الحديث عن غيابها أو منعها من التصويت بصفة عامة كان معروفا منذ فترة طويلة، وهنا سيُسأل وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج، ناصر بوريطة، عن ماذا فعل لتجاوز غياب داعمين للمغرب عن التصويت؟ أو ما قام به في محاولة لتدارك هذا الفارق في الأصوات وضمان فوز المغرب بالمنصب الأفريقي، والإجابة هنا واضحة ولا تحتاج توضيحا.
بوريطة: حملة مغربية محتشمة في أفريقيا للترويج للطيفة أخرباش
لم يحظى ترشيح لطيفة أخرباش بالزخم اللازم أفريقيا، إذ غاب وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج، ناصر بوريطة طيلة الفترة الماضية عن الواجهة الأفريقية، مكتفيا بزيارات معدودة على رؤوس الأصابع أفريقيا، واستقبالات محدودة لنظرائه في المغرب، ما جعل من الترويج لمرشحة المملكة المغربية محدودا جدا بالمقارنة مع المرشحة الجزائرية، كما لم نسمع أو نرى في بياناته المشتركة بعد تلك اللقاءات أي إشارة للترشيح المغربي.
وبالعودة للحملة وما صاحبها من قصور في تسويق اسم لطيفة أخرباش أفريقيا، لا بد من استحضار ما قامت به الجزائر في هذا الصدد، إذ بملاحظة بسيطة نجد أن وزير خارجية نظام العسكر، أحمد عطاف، قام بجولات دبلوماسية مكثفة أفريقيا مستغلا عضوية بلاده غير الدائمة لمجلس الأمن الدولي وقاد عشرات الزيارات للدول الأفريقية للترويج للترشيح الجزائري، وبالتالي فإن قلة حضور ناصر بوريطة أفريقيا كان عاملا مهما في عدم الترويج للمرشحة المغربية لطيفة أخرباش.