حميد زيد ـ كود//

في الماضي. ربما في الماضي. كانت جماعة العدل والإحسان تشكل خطرا على الدولة.

وعلى الحكومات المتعاقبة.

وعلى الاستقرار.

لكنها في الوقت الحالي مفيدة جدا للسلطة في المغرب.

وللحكومة.

فأي شيء يقع. يمكن بسهولة. إلصاقه بالجماعة.

أي ورطة.

أي غياب للحل.

أي احتقان.

يمكن القول بسهولة إن جماعة العدل والإحسان هي المسؤولة عنه.

ولن يعترض عليك أحد.

ولن يقول أحد إنك تبالغ كثيرا.

وهي اليوم من تقف خلف إضرابات رجال التعليم.

وهي التي ليس من مصلحتها التوصل إلى أي حل.

حتى صارت الجماعة منقذة للحكومات.

صارت هبة.

صارت العدل والإحسان هدية من السماء.

صارت مشجبا.

صارت ضرورية لنا.

ولو لم تكن موجودة لما وجدنا في المغرب أي جهة نتهمها.

ولواجهنا الواقع مباشرة. وكما هو.

ولواجهنا حقيقتنا عارية.

لكنها. ومن حسن حظنا. أنها موجودة.

وهي التي تؤجج غضب الشارع.

وهي التي تحرك الأساتذة.

وهي التي تشعل الاحتجاجات.

وهي التي تساعد المحللين على تحليل الوضع في الداخل.

وهي التي تقوم عليها نظريات سياسية.

وهي التي يستند إليها الأكاديميون. والصحافيون الذين يعرفون الخبايا.

وهي التي تسعفهم.

وهي التي تقف خلف كل الاضطرابات. والقلاقل.

ولنا أن نتخيل مغربا خاليا من الجماعة.

مغربا بلا عدل وإحسان نتهمها.

مغربا يستيقظ في الصباح ولا يجد هذه الجماعة الدينية.

ولا شك أننا سنعاني حينها.

لا شك أن غيابها ليس في صالحنا.

ولا في صالح النمو. والتقدم. والديمقراطية على النمط المغربي.

ولذلك يتم الحفاظ عليها.

والتشبث بها.

ورغم التراجع الكبير الذي عرفته الجماعة.

ورغم غياب أي تأثير لها في النقاش. فإننا نعض عليها بالنواجذ.

لأننا على يقين بأنها مهمة.

وبأننا في أمس الحاجة إليها.

وبأن وجود جماعة العدل والإحسان بيننا مفيد. وصحي. وله منافع جمة.

فمن غيرها يمكن أن يلعب هذا الدور.

من غيرها يمكننا أن نعلق عليه كل المشاكل.

من غيرها يمكننا أن نتهمه بتحريك الخيوط من الخلف.

ولذلك. وكلما تراجعت الجماعة. وخفت صوتها. نعيد بعث الروح فيها.

ونوليها العناية اللازمة.

ونقدر وضعها الاعتباري.

ونبالغ في احترامها. وفي تقديرها.

ونعتبرها هي التي تقف خلف الإضرابات. والتقلبات. والركود. والجمود. والشغب.

والفقر.

والفوضى. والتراجعات.

ونستثمر فيها.

ونتضاد معها.

وما دامت الجماعة صامتة.

ومادامت تستطيب أن تكون لها كل هذه القدرات الخارقة. وكل هذا التأثير.

فلا خوف علينا.

بينما الخوف. كل الخوف. أن يأتي يوم تعلن فيه العدل والإحسان أنها لم تعد موجودة.

وأنها انتهت.

وأنها لم تعد قادرة حتى على التأثير في نفسها.

وفي قواعدها

فمن سنلجأ إليه في هذه الحالة.

من سنشير إليه بالإصبع.

من سنتهم.

ومن أين لنا بجماعة مثلها.

لذلك علينا أن نكون استباقيين.

علينا من الآن أن نصنع جماعة بديلة. تكون جاهزة حين نحتاج إليها.

علينا أن نضخم منها.

علينا أن نتدرب على اتهمامها.

علينا أن نستعد من الآن.

علينا أن نتهيأ لتلك اللحظة التي لن يصدقنا فيها أحد ونحن نلصق كل شيء بالجماعة.

علينا أن لا نترك الفراغ الذي سيخلفه غيابها.

علينا أن لا نرتكب نفس الخطأ.

ونفرط فيها.

كما فرطنا في أحزاب وتنظيمات قبلها.

علينا أن نضخم من الجماعة. ونعتني بها. ونحن نهيء. في الآن نفسه. جماعة خطيرة مثلها.

جماعة متغلغة في النقابات. وفي الأحزاب. وفي الشارع. وفي الغضب. وفي الطبيعة.

وفي النفوس.

نتهمها بما يحلو لنا.

نتهمها بكل شيء. دون أن نشعر بأي حرج. ونحن نفعل ذلك.