حميد زيد – كود//

تجنب أيها المغربي أن تكون الأول.

حاول جاهدا أن ترسب. وتكاسل. تكاسل. ما استطعت.

اسقط.

كرر.

تراجع إلى الخلف.

كن الخامس. كن السادس. كنت متأخرا دائما. كن في مرتبة متأخرة. كن في ذيل الترتيب.

ولك عبرة في الحبيب المالكي.

وبتوفر حزبه على فريق برلماني بالكاد. هاهو يجلس فوق الجميع في البرلمان.

ويطل على النواب من فوق.

ويرأسهم.

ويصوت له الأوائل. والمجتهدون. ومن اختارهم المغاربة ليكونوا في موقعه.

ولك عبرة أيضا في حكيم بنشماس.

ورغم أنه ينتمي إلى حزب “معارض”. فقد اختارته الأغلبية. ليكون رئيسا لمجلس المستشارين.

وساندته. ودعمته. وفضلت عليه حليفها. وفضلت عليه الانسجام الحكومي.  وتخلت عن الأول.

ولولا أنانية الأول. لصوت حزب العدالة والتنمية بدوره لحكيم بنشماس.

ولا تفكر أيها المغربي أن تنجح في انتخابات.

ولا تفكر في الفوز.

واخسر. وتمادى في الخسارة. وتراجع. وتقلص. واضمحل. وانعدم. وانقرض. كي تجد لك مكانا في القمة.

فالتفوق ليس مغربيا.

والنجاح ليس مغربيا.

والديمقراطية ليست مغربية.

ومن طبع المغربي أن يعطف على الضعيف. ويرأف لحاله. ويشفق عليه.

ومن قيمنا أن نرفع من قيمة الكسول. ومن مكانة الفاشل. والمكرر.

ولذلك نرى الحبيب المالكي في ذلك الموقع.

ولذلك نرى حكيم بنشماس ناجحا. ومبتهجا بالديمقراطية على الطريقة المغربية.

ولذلك تحب الأغلبية من يعارضها. وتساعده. وتقويه. كي يحاربها. وكي يتحكم فيها.

أما إذا غازلك المواطنون.

أما إذا حاولوا التصويت لك. وحاولوا أن يختاروك. فارفض عرضهم.

واحذر منهم.

وتجنبهم. ولا تدعهم يدعموك. فإنهم يسعون إلى أن يجعلوك الأول.

والأول خطير في المغرب.

الأول مطرود. ومهمش. ومحارب. ولا أحد يهتم به.

الأول هو الأخير.

الأول يلعبون به. ويسخرون منه. ويتبعه الصغار. ويتصايحون حوله. ويعيرونه لأنه الأول.

ولك عبرة في حزب العدالة والتنمية.

ولك عبرة في الاتحاد الاشتراكي حين كان الأول.

فكن كسولا.

كن غير مرغوب فيه.

كن ضعيفا.

وستجد الجميع يرفعك إلى أعلى مرتبة.

وستجد الجميع في صفك.

ويعيد إليك الاعتبار.

وستجد من يدعمك. ويرفع من قيمتك.

وقد يبدو هذا للبعض غريبا. ولا يستقيم. وضربا للديمقراطية. وللانتخابات.

بينما فيه حكمة كامنة.

ففي الوقت الذي الذي تتخلى فيه الديمقراطيات التي تلقب نفسها بالحقيقية عن فاشليها.

ليلعبوا دورهم في المعارضة.

ولينتظروا فرصتهم كي يصلوا إلى السلطة.

نقوم نحن بإشراكهم. وإدماجهم. ومنحهم فرص عمل.

في أحلى تجربة ديمقراطية.

الخاسر فيها رابح. والرابح خاسر. ورغم خسارة الرابح. لا يكف زعيمه. الذي هو أيضا رئيس الحكومة عن ترديد لازمة الانسجام الحكومي بين مكونات الأغلبية.

ويعجبه ما يحدث له.

ويشارك فيه. وينغمس. ويتأثر.  ويقدم يد العون للخاسرين.

ويضحي.

ويقول لهم كلوني. وابتلعوني. واضحكوا علي.

فأنا المخطىء.

أنا الذي ارتكبت خطأ أن أكون الأول.

وحين كان الناس العقلاء يفشلون. وحين كانت الأحزاب تتراجع. كنت أنا منتشيا بالنجاح.

ومتماديا فيه.

غير متوقع لعواقب ذلك على مستقبلي.

فاخسروا أيها المغاربة

وافشلوا

وتراجعوا

واحذروا من أن تكونوا الأوائل.

واستفيدوا من التجارب

واستفيدوا من الحبيب المالكي

ومن حكيم بنشماس

وتأكدوا أن 37 ليست هي 37. بل أكثر بكثير.

وأن 125 هي 0.

وأن الأغلبية هي خصم الأغلبية

وأن الضعيف هو القوي

والخاسر هو الرابح

وأن الديمقراطية هي تصويت الحكومة على معارضتها

وهي حب الناجح للكسول

وهي التعاطف مع من ليس معه إلا القليل

وهي التواضع

وهي الإيثار.