عنوان المقال لمن يريدون قراءته كاملا هو الآتي: "الواعظ العريفي يدهش الناس: يجب على البنت أن لا تخلو مع أبيها وأن لا تجلس معه في غرفة دون أمها أو إخوتها". لماذا يا ترى؟ لأنها قد تغري أباها، والكلام للشيخ الذي يقدم برنامج "قلبي معك" على قناة دبي. أدعوكم أيضا لقراءة التعليقات لأنها تعطينا صورة حقيقية عن المجتمع المتخلف الذي ننتمي إليه للأسف.

الشيخ الجليل أضاف أنه "ينبغي على البنت أن لا تلبس لباساً فاضحاً أمام أبيها لأن بعض البناتتكون في شبابها جسمُها جميل وتلبس لباساً ضيقاً وتخرج إلى أبيها"؛ مضيفا: "برْضو أبوها شاب ربما فُتن بابنته، وربما إذا سلّم عليها أو قبّلها أو ضمّها ، ربّما الشيطان يوّزه لبعض الأمور (…) يجب أن لا تخلو البنت مع أبيها، ولا تجلس لوحدها معه وإنما تحرص على أن تكون الأم موجودة أو إخوانها حتى ييسر الله لها وتتزوج". إذا اتبعنا هذا المنطق، فحضور إخوتها نفسه ليس حماية لها (ولهم) من الشيطان الرجيم لأنها قد تتعرض لا قدر الله لاغتصاب جماعي، خصوصا إذا كان أبوها وإخوتها من عشاق "التويزة". الخلوة بالأم أيضا قد تشكل خطرا لأن الأم قد تكون مثلية جنسية (أو شاذة بلغة الشيخ الجليل) فتمارس "الرذيلة" مع ابنتها…

قد يبدو كل هذا مستفزا، لكنه في الواقع ليس أقل استفزازا من فتاوى تقطر علينا بشكل شبه يومي لتبين لنا مدى الكبت الجنسي الذي نعاني منه. أتذكر فيديو آخر كنت قد شاهدته على اليوتوب (عنوانه "زواج الرضيعة في الإسلام") يبرر فيه شيخ آخر كيف أن زواج الرضيعة والاستمتاع بمفاخدتها جائز شرعا. المغراوي أيضا كان قد أفتى منذ بضعة سنوات بجواز زواج بنت التاسعة "لما لها من قدرات جنسية ليست لبنات العشرين"، وكأن الزواج مجرد "قدرات جنسية" أولا، ثم وكأن عقول بعض مشايخنا اختارت الإقامة القسرية في أجهزتهم التناسلية. هناك أيضا فتوى إرضاع الكبير، والتي أفتى خلالها شيخ من الأزهر بإرضاع المرأة لزميلها حتى يصبح ابنها من الرضاعة فلا تحدث بينهما غواية. كيف يمكن الرد على هذا القدر المتطرف من الهوس بالجنس وبجسد المرأة؟ كيف يمكننا التعامل مع هذا الكبت وهذا الخوف المرضي من الجسد؟

لنذهب أبعد من التعليقات التبسيطية التي تقول: "كل من هب ودب يعطي لنفسه الحق في إصدار الفتاوى". الأمر أكبر من هذا. نحن لا نناقش فقط القدرات والمؤهلات الفقهية لهؤلاء المفتين المهووسين بالجنس وبالجسد وبالمفاخذة وبالطفلات الصغيرات. إنها مسألة اختيارات عامة: أي مجتمع نريده؟ مجتمع لا يأكل الشوكولاطة إلا إذا سأل الفقيه عن رأيه في الأمر، أم مجتمع يعتبر أفراده راشدين قادرين على تحمل مسؤولية قراراتهم؟ إلى متى سنعتبر أنفسنا قاصرين نحتاج وصاية أئمتنا الأفاضل ليرشدوننا إلى الطريق الصحيح ويمنعون عنا الحب والجنس والمهرجانات والفن؟

من ناحية أخرى، علينا أن نمتلك نوعا من الجرأة لنحاسب قانونيا كل من أفتى بزواج الرضيعات وطفلات التسع سنوات لأن في ذلك دعوة صريحة (باسم الله وباسم الدين) للاعتداءات الجنسية على الأطفال. علينا أن نمتلك الجرأة لأن نصرخ في وجه كل من يشرعن للحالات الشاذة التي قد يشتهي فيه رجل ابنته والتي علينا فيه أن نتراضع في المكاتب والتي ترى جهازا تناسليا في كل زاوية.

علينا أن نوقف بشكل أو بآخر هذا الخوف أو التجاهل الخطير لكل من يتكلمون باسمنا وباسم الدين، لأننا نريد مغريا ناضجا حرا، ولأننا لسنا قاصرين نحتاج لوصاية مكبوتة مهووسة بالجسد.