أحمد الطيب – كود الرباط///

قال الكاتب والباحث الأمازيغي أحمد عصيد، أنه لم يعد يكترث ببيانات حزب الإخوان المسلمين في المغرب والتي صارت مغرقة في الصياغة الصبيانية المتهورة التي لا تدل على أي نضج سياسي أو روح وطنية”، وذلك في رد له على بيان الفتوى الصادر عن قيادة العدالة والتنمية اللي كولو تشهير أحمد الشرعي رئيس المؤسسة الإعلامية كلوبال ميديا هولدينغ.

وأضاف عصيد، في تصريحات لـ”كود”، قائلاً: “كما لم يفاجئني ارتفاع منسوب الكراهية الذي ينضح به البيان، فقد تعودنا من الخطاب الذي يحتكر القضية الفلسطينية أن يمارس نوعا من الفاشستية ضد كل من عبر عن موقف أو رأي مخالف لما هو سائد في موضوع فلسطين، ولهذا يتحدث البيان الغريب عن “خطوط حمراء”  غير موجودة أصلا إلا في عقول من وضعها معتقدا أنه سيمارس الوصاية على عقول الناس، سواء بالقضية الفلسطينية أو باستعمال الدين الإسلامي بقراءة عصور الانحطاط وظلمات الجهل”.

ويتفق الحقوقيون والقوى الديمقراطية وكل أحرار العالم، يقول عصيد قائلاً: “على الحق الفلسطيني وعلى وجود واقع الاحتلال الذي لابد من إنهائه، ويتفقون على أن الحرب الدائرة منذ أزيد من عام بما حدث فيها من خراب وتجاوزات لا تتناسب مع عملية 7 أكتوبر، لكن هذا لا يعني أن نحول بلدنا إلى حلبة للإرهاب والتحريض ونشر الكراهية بسبب ما يجري في فلسطين”.

وتابع: “وعلى جميع المهيجين عوض الانتقام من أبناء بلدهم والبحث عن أكباش فداء للتنفيس عما يعانونه من احتقان داخلي أن يتوجهوا إلى ساحة المعركة لمساندة المقاومة،  وأولهم ذاك الذي “تمنى أن تصيبه شظية من غزة” وهو قابع في زاوية بيته يلتهم أطايب الطعام والشراب، في الوقت الذي يحصد فيه سكان غزة الأبرياء نتيجة 7 أكتوبر. ونفس الشيء يقال لكل العصابات المسلحة التي كانت متحمسة لقتل أهلها في العراق وسوريا واليمن وليبيا، والتي اختفت كلها ووقفت موقف المتفرج، وتبخرت شعاراتها العنترية”.

وذكر عصيد أن “حديث بيان “البيجيدي” عن المحكمة الجنائية الدولية يبدو فيه واضحا الكيل بمكيالين، فالمحكمة الجنائية أدانت نتانياهو ورئيس الجيش الإسرائيلي كما أدانت قيادة “حماس” فيما فعلته يوم 7 أكتوبر، ولا يمكن التصفيق للمحكمة فيما قررته بصدد نتانياهو ورفض ما أقرته بصدد “حماس”، فإما أن المحكمة عادلة وإما أنها ظالمة، ولا يمكن أن تكون في المنزلة بين المنزلتين”.

كما تسائل في ذات السياق: “أين كانت الأمانة العامة لحزب الإخوان بالمغرب عندما حكمت المحكمة الجنائية الدولية على مجرم الحرب الآخر عمر البشير الذي أباد أهل دارفور وقتل منهم إحراقا بالنار 300000 مواطن يمثلون سبع مرات ضعف ما قتلته إسرائيل في غزة، وهو العمل الإجرامي المجنون – الذي يتجاوز فظاعة جرائم نتانياهو – والذي كان يتحالف مع مجرم آخر هو حسن الترابي زعيم الإخوان في السودان؟ هل أرواح الفلسطينيين آدمية وأرواح السودانيين ذباب؟ وهل القتل يختلف بين أن يقوم به مسلمون وأن يقوم به يهود؟

وبعدما اعتبر بيان الإخوان المسلمين المغاربة بأن أحمد الشرعي “يتحدى المواقف الوطنية الثابتة والشعور الوطني”، قال عصيد متسائلاً: “متى كان للإخوان في المغرب مواقف وطنية ثابتة وشعور وطني، وهم الذين رفعوا صورة حسن نصر الله في شوارع الرباط رغم علمهم من يكون بالنسبة لوطنهم، وما فعله ضد المصالح الاستراتيجية لبلدهم؟”.

وواصل عصيد رده على بيان العدالة والتنمية بالقول: “إن “العدو” في المفهوم الوطني هو من يكيد للوطن وليست القضية الفلسطينية هي التي ستجعله يتحول إلى صديق أو حليف بمجرد قصف إسرائيل، إذ لا ننسى أبدا أنه يقوم بتدريب من يقصف بلدنا أيضا”.

وزاد: “تحدث البيان عن أن المواقف التي عبر عنها الشرعي “عنوان للخذلان وللتطبيع”، وكأنه تناسى أن الحزب الإخواني كان مشرفا رسميا على التطبيع مع إسرائيل، وأن رئيسه جلس للتوقيع على “الخذلان” بنفسه، وأن الرئيس المخلوع والمبعد سنة 2016 ما كان أبدا ليرفض الجلوس على نفس الكرسي لو ظل في موقع المسؤولية، لما نعلمه فيه من تفان في حب الكراسي المثيرة والتعلق بالمكاسب الدنيوية، وما كان ليفعل غير ما فعله نظيره المصري الراحل محمد مرسي الذي بمجرد أن تولى رئاسة مصر بعث برسالته “الأخوية جدا” للرئيس الإسرائيلي سيرا على نهج من سبقوه في ذات المنصب”.

وهاجم عصيد البي جي دي قائلاً: “فالإخوان يمارسون السياسة وهم في مواقع الترأس، ويتحولون إلى مهيجين ومشعلي الحرائق في أوطانهم عندما يكونون خارجها. ولكن التحليل النفسي يخبرنا بأن الكثير من التصرفات العدوانية إنما مصدرها آليات الدفاع عن الأنا بسبب الأخطاء المرتكبة، فالبيجيدي أصيب بعقدة الخطيئة، خطيئة التطبيع التي وقع عليها، وصار يحاول بمناسبة أو بدونها أن يجعل الناس ينسون ما بدر منه،  ونحن في هذه الحالة نشفق عليهم ونرثي لحالهم”.

وأضاف لـ”كود” قائلاً: “من غرائب ما جاء في بيان الإخوان الحديث عمن “يعمل علنا في خدمة جهات ومصالح أجنبية”، وكأنهم يتحدثون عن أنفسهم، وعلينا أن نكون صادقين مع حزب المصباح وأتباعه، فنقول لهم إننا لم نشعر قط بالخوف على استقرار بلدنا مثلما شعرنا ونحن نعاين ما حصل في العائلات المغربية من تشظ وانشقاق بسبب التطرف الديني والغلو المذهبي الذي جاؤونا به من الشرق الأوسط، حتى كره الإبن أباه وأمه، ونفر الأخ من أخيه بسبب عقيدة التكفير التي تنخر مجتمعات منطقتنا بدون استثناء، كما لم نشعر بأن هناك من يكيد لوطننا قدر شعورنا ونحن نرى ما تفعله إيران وحزب الله ضد بلدنا، وما يفعله عملاؤهم الداخليون”.

وتابع: “ولهذا لا نملك إلا أن نضحك ونحن نقرأ ما كتبوه حول “المسُّ بالتماسك واللحمة الوطنية للشعب المغربي”، فمتى كانت اللحمة الوطنية المغربية مرتبطة بفلسطين؟ أي منطق وطني هذا؟ ما نعرفه أن الدولة المغربية ذات سيادة ولها دستور حدد أسس اللحمة الوطنية في ثوابت البلد التي يستخف الإخوان ببعضها كقضية الصحراء وكالخيار الديمقراطي، وفي مكونات البلد التي يستهزئون ببعضها كالأمازيغية والعبرية والإفريقية، وقد آن الأوان أن يفهموا معنى “الوطن أولا”، وأن يفهموا بأنهم لا كرامة لهم بدون وطن ديمقراطي حر ومستقل عن الإيديولوجيات العابرة للقارات”.

“إننا نؤمن بالحق الفلسطيني، ونرفض ما تقوم به إسرائيل من تقتيل للفلسطينيين تجاوزت فيه كل القوانين والأعراف  الدولية، لكننا لا نسمح لأصحاب النزعات الفاشستية بأن يكمموا أفواه الناس أو يغصبوهم على تبني موقف واحد وقراءة واحدة لما يحدث سواء في فلسطين أو غيرها، لا نتفق مع من ينكر الحق الفلسطيني، أو من يعتبر الاحتلال شرعيا، ولكننا لا نسمح لأنفسنا برسم الخطوط الحمراء لمن له رأي مخالف، كما لن نسمح لأحد أن يهدد استقرار بلدنا  الداخلي بسبب رفضه لأي خطاب آخر غير خطابه”. ينتهي عصيد تصريحاته مع “كود”.