أنس العمري ـ كود/// الصور من سوق مديونة

عشية العيد الكبير، دخلت أسر عديدة في سباق الأمتار الأخيرة، بحثا عن أضحية، وهي كلها أمل في أن تنقلب أحوال السوق بما يتناسب وقدراتها المالية، وذلك فيما تخلت عائلات مكرهة عن ممارسة هذه الشعيرة، بعدما عجزت عن توفير ثمن الحولي لتكتفي باقتناء اللحم وأحشاء الخروف للاحتفال.

وهكذا، توزع المشهد يوما قبل إحياء هذه المناسبة الدينية، بين اصطفاف مواطنين أمام محلات الجزارة لتوفير حاجياتهم من اللحوم الحمراء بعدما تأكد لهم أن المبلغ المالي الذي بحوزتهم لن يمكنهم من شراء أضحية العيد، وبين استمرار خوض أرباب أسر رحلات أخيرة بين الكراجات والرحبات داخل المدن وخارجها، لعلهم يظفرون بكبش في متناول الجيب، والذي لم ينجحوا في إبرام صفقته في السابق من الأيام بسبب بلوغ أسعار الأضاحي مستويات غلاء غير مسبوقة.

وكباقي المدن، استفاقت الدار البيضاء وضواحيها اليوم على هذا الإيقاع، ولكن بوتيرة حركة أبطأ شيئا ما خاصة بفضاءات بيع الحولي، في ظل انشغال شريحة مهمة في التحضير لعمليات سفر فردية وجماعية صوب مناطقهم بالجنوب والجنوب الشرقي، لقضاء هذه المناسبة الدينية بين أسرهم وأهلهم.

“ربحة ولا ذبحة”

على الرغم من أن عدد الأضاحي المخصصة للبيع قل مقارنة مع الأيام السابقة بهذه الفضاءات، إلا أنه يتواصل، إلى ظهر اليوم، إقبال أسر عليها، في محاولة أخيرة لاقتناء أضحية العيد، متشبثة بطوق تراجع لهيب الأسعار ساعات قبل العيد، وهو اعتقاد راهنت عليه بمنطق “ربحة ولا ذبحة”، على اعتبار أن كثرة الطلب في “الدقيقة التسعين” قد تقفز بالأسعار إلى مستويات قياسية، وهو ما تغفله من حساباتها.

رشيد (د)، مستخدم، واحد من الذين اختاروا الانتظار. واليوم، عقد العزم على أنه سيخوض هذه الرحلة في “دقيقتها التسعين”، لعله يفوز بصفقة تمكنه من إحياء هذه الشعيرة بما ادخره لها من أموال.

في تصريح لـ”كود”، أكد أنه دار هاد الصباح على عدد من فضاءات بيع الحولي فكازا، منها في منطقة الحي الحسني وعين السبع الحي المحمدي، غير أنه لم يوفق في اقتناء الأضحية.

وأشار إلى أن “السوق ما زال طالع”، مبرزا أن الأثمنة الحالية باقة ماشي في متناوله ومتناول شريحة مهمة من سكان العاصمة الاقتصادية

وأضاف “شي بلايص مبقاش فيها الحولي تباع.. والفضاءات لي باقي فيها كاين الشياط منزل والو”، وزاد موضحا “الحوالة المستوردة وصل ثمنها لفوق 70 درهم للكيلو.. بينما الصردي والبركي من 80 وانت طالع”.

مول لميلح باع وراح

فمديونة، نفس المشهد. عدد الحوالة المعروضة للبيع انخفض بشكل كبير عقب إقبال كبير على اقتنائها في الأيام لي فاتت، فيما الأسواق باقي على حالها بالنسبة للأثمنة، حسب الشهادات لي استقتها “كود”، والتي عاينت نشاط كبير لنقل الأضاحي إلى مقتنيها والبدء في إخلاء عدد من الفضاءات المنتشرة في المنطقة بعدما باعوا صحابها لمليح لي عندهم وغاديين يروحو بحالهم.

وبهاد الخصوص، كالت سعيد (س)، موظفة، “الخيار قلال بعدما كان البيع على الجهد هاد السيمانة.. ولي فيه شوية الضو راه باقي على ثمنو ما نقصش. ولي كتلقاها مرفق شوية ما كيقنعش ولا كتلقى فيه شي عيب”، موضحة أنه “فوق 5000 درهم عاد ممكن تشري شي حاجة لي تصلح تعيد بها”.

ومضت قائلة “هادشي فوق جهدي وجهد عائلات كثيرة”، مشيرة “بزاف كنعرفو ما غاديش يعيدو حينت الأسعار لي كاينة فوق طاقتهم.. وحتى أنا عيني ميزاني إلى مليقيناش على قد حالنا مغاديش نعيد”.

وكانت المندوبية السامية للتخطيط أكدت، وفقا لنتائج البحث الوطني حول مستوى معيشة الأسر الذي أجرته سنة 2022، أنه لاتزال ممارسة شعيرة عيد الأضحى سائدة في المجتمع المغربي، إذ أن 12.6 في المائة فقط من الأسر المغربية لا تمارس هذه الشعيرة، وذلك ما يمثل ارتفاعا بسبب تسجيل نسبة 4.7 في المائة في سنة 2014.

وحسب العدد 30 من “مختصرات المندوبية”، فإن هذا الارتفاع الملحوظ في نسبة الأسر التي لا تمارس هذه الشعيرة يسجل بشكل رئيسي بين سكان المدن والأسر المكونة من شخص واحد، وحسب وسط الإقامة فإن هذه النسبة تصل إلى 14.3 في المائة في المدن مقابل 8.7 في المائة في القرى، بينما النسبتان عادلتا 5.9 في المائة و2.5 في المائة، على التوالي، خلال سنة 2014.