حميد زيد – كود//
ليس لنا إلا أحمد ويحمان واحد.
للأسف.
للأسف ليس لنا إلا بطل واحد. ويقاوم به القوميون. والإسلاميون. والسلفيون. ويناضلون. ويتحدون إسرائيل. ويواجهونها،
وفي مثل هذه المناسبات يكثر الضغط عليه.
ويتم استنزافه.
ويطلب الجميع خدماته.
ويسعى الجميع إلى استعماله في الوقفات والمسيرات.
ويكثر استهلاكه.
ما يههد بنفاده. وما قد يؤثر على مردوديته النضالية.
لأنه يبقى في نهاية المطافة بشرا. وقدراته محدودة. ولا يمكنه كفرد التواجد في كل الأمكنة.
وتعويض المتخاذلين. وتعويض الحكومات. والشعوب.
والقيام بمهام المتراجعين إلى الخلف. والمستسلمين.
ولو كانت هذه الأمة تملك قرارها. ولو كانت الشعوب العربية والمسلمة واعية.
ولو كانت حرة.
ولو كانت ولادة.
ولو كانت دولنا ديمقراطية وتخطط للمستقبل.
لصنعنا من أحمد ويحمان ويحمانات.
ولتكاثر.
ولزرعناه. ولأنبتناه في الحقول. وفي الأصص في الشرفات. ولما عانينا من هذا النقص الذي نعاني منه اليوم.
ولما تجرأ علينا ترامب. ونتانياهو.
ولما عرض علينا حلا للسلام عبارة عن دولة فلسطينية مخرمة.
لكن عيب هذه الأمة أنها لا تفكر في غدها.
ولا تستثمر طاقاتها. ولا تقدرها. بل تسجنها أحيانا.
وفي وقت الشدة. وحين تكون المواجهة ضرورية. وحين نحتاج إلى من يصرخ في وجه إسرائيل.
ومن يحفظ أسماء القادة اليهود.
وأسماء جنرالاتهم.
وينطق بها كما لا ينطق مغربي آخر. ويلحنها. ويغنيها. كأنه دارس للعبرية. كأنه فنان.
فإننا حينها لا نجد إلا ويحمانا واحدا.
وقد يقول القائل. هناك السفياني. وهناك الريسوني. وهناك السلفيون. وهناك حركة التوحيد والإصلاح.
وهناك حزب الطليعة. وفيدرالية اليسار. والنهج.
وهناك المسيرة المليونية. وهناك الشعارات. وهناك الرذاذ. واللعاب المتناثر. وهناك من يشعل النار لإحراق علم إسرائيل.
لكن ودون أن نقلل من شأن أحد. فإنهم لا يقارنون بأحمد ويحمان.
وليست لهم نفس إرادته. وعزيمته. وإصراره. وشجاعته. وحاسته.
ولا أحمد منهم مهووس باليهود مثله. ويتبعهم. ويلاحقهم. ويراقبهم. ويحذر منهم. ويتشممهم.
وهو نسيج وحده.
وهو سلاح قادر على أن يحدث الفرق في أي معرك شرط أن يكون كثيرا. ومتوفرا. ولا خصاص في ذخيرته.
ولو كان هناك تخطيط. ولو كانت رغبة الحكام صادقة في تحرير فلسطين. لخلقنا صناعة خاصة به.
ولأنتجنا منه ما لا يحصى من الويحمانات.
ولوزعناهم على المدن. وعلى القرى. وفي كل بيت نضع ويحمانا. وفي كل فصل دراسي.
وفي كل شارع. وفي كل محل بقالة. وفي كل حزب.
ولأرسلناهم إلى أمريكا. ولأدخلناهم خفية إلى إسرائيل. مع الوفود المطبعة.
لكننا لم نفعل ذلك.
ولذلك فنحن غارقون في الهوان. وفي العجز.
ولذلك. نحن مثيرون للضحك. ونحن نحتح. ونحن نرفض صفقة القرن.
حتى أن كاتبا معروفا منا يصف الرئيس الأمريكي بالمعتوه.
وآخر ينعته بالمجنون.
وثالث بالأحمق.
ظنا منهم أن ترامب يهتم بنا وبما نكتب. ويفهم العربية الفصحى .وأنه يتابع موقع كود وهسبريس والجرائد المغربية الورقية.
وأنه سيتراجع حين سيسمعنا نشتمه.
وسيخاف.
وكم من جمعية حقوقية نددت بخطته.
وكم من حزب.
اعتقادا منهم أنهم سيضغطون عليه.
كما أننا تنافسنا في ما بيننا حول من يبرع في إيجاد اسم بديل ل”صفقة القرن”.
وكل خط تحريري اختار لقبا لها.
وأطلق عليها أحمد الريسوني صفاقة القرن. وهناك من جعلها خيانة القرن. وهناك من كتب صفعة القرن.
وما زال التنافس جاريا حول أروع وصف.
وربما يأتي من يطلق عليها ضرطة القرن. وسيفرح بذلك. وسينتعش.
بينما نحن نملك أحمد ويحمان.
نملك سلاحا لا يتوفر عليه أعداؤنا.
سلاحا يلكم السلطة.
ويعثر على اليهود أينما كانوا.
ويستشعرهم
ويستشعر الخونة والمطبعين والمؤامرات ومن يبيع ومن يشتري.
إلا أننا لم نستثمر فيه.
ولم ننمه. ولم نقم بتصنيع ويحمانات أخرى منه.
وكما كان على طبيعته تركناه.
تركناه خاما.
هبة من من الطبيعة. وفلتة. لا دور لأحد في ظهورها. وفي تفوقها.
متحملا لوحده عبء القضية الفلسطينة
معرضا في كل مرة إلى الاستنزاف.
وإلى التعب.
لأن اليد الواحدة لا تصفق
وفي الوقت الذي كان بإمكاننا أن نصنع أيد كثيرة منه
لتصفق
فإننا لم نفعل
وها الجميع الآن يستعين بأحمد ويحمان
ويطلبه كي يتدخل. وكي يتظاهر. وكي يرفض صفقة القرن.
بينما ليس لنا إلا ويحمان واحد.