حميد زيد – كود//
لقد أصبح موقع كود في الفترة الأخيرة مثل آلة مبرمجة.
ولا تشتغل إلا بأربع أو خمس كلمات.
وكل من تضامن مع فلسطين. وكل من أدان جرائم إسرائيل. وكل من اعترض على شيء. وكل من كان مختلفا. وكل من لا يوافق الروبوت. فهو في نظر الصحافي الآلي العامل في موقع كود إسلامي متطرف.
أو قومجي.
أو من بقايا اليسار.
أو شرذمة.
أو شعبوي.
أو إرهابي.
أو عميل لإيران و المشرق وضد مصالح وطنه.
و كيفما كانت هوية الطرف الذي ترد عليه كود.
و كيفما كانت قناعة الجهة التي يكتب زملائي الروبوتات ضدها.
فإن الجميع بالنسبة إليهم قومجي. إخواني. متخلف.
ويضيفون إليها أحيانا كلمة تافه. ويعتبرون ذلك رأيا.
ولا اجتهاد في موقع كود.
ولا تنسيب.
ولا إغناء للمعجم المستعمل. الذي يظل فقيرا. وناقصا. ويسيء إلى العمل الصحفي.
وإلى الإنسان الذي صنع هذا الموقع.
فهناك كفرة محترمون ضد جرائم إسرائيل.
وهناك يهود مغاربة ضد نتنياهو.
وهناك أمازيغ.
وهناك ملاحدة.
وهناك أوغاد مغاربة. ومع ذلك فهم يشمئزون من مما ترتكبه الدولة العبرية.
و هناك مائعون. ومنحلون. ودعاة عري. وخلاعة.
وهناك عدميون. وفوضويون. من اليمين. ومن اليسار.
وهناك شيطانيون.
وهناك متعويون. وأبيقوريون. ومدخنو حشيش. وسكيرون.
وهناك من ليست لهم أي قضية.
ومن ليس لهم أي هدف.
ومن لا ينامون. ومن لا يستيقظون. إلا نادرا.
لكنهم جميعا ضد إبادة شعب فلسطين.
وضد الدفاع عن نتنياهو وتبرئته.
لكن من برمج روبوتات موقع كود. صنعها عمياء. وغير قادرة على التمييز. وأحكامها جاهزة. وتردد في كل مرة نفس الكلمات.
ومن لا يعجبها تعتبره تافها.
ومن لا يوافق هواها هو دائما إسلامي.
ورغم أن موقع كود كان في بداياته موقعا حداثيا. ليبراليا. يدافع عن الحرية. ويشتغل فيه بشر من لحم ودم.
إلا أنه و مع هذه الآلات التي صنعها.
ورباها.
صار أقرب إلى اليمين المتطرف.
صار نموذجا أوليا لما يمكن أن تكون عليه الصحافة في المستقبل بعد أن يختفي الإنسان.
وتحل محله الروبوتات.
ولأن الروبوتات هي التي صارت مسيطرة على خط كود التحريري.
فإنه لم يبق هناك اختلاف في هذا الموقع.
ولم يبق رأي آخر.
ورغم أنني أنتمي إلى هذا الموقع. ومن مؤسسيه. إذ. وبمجرد أن يظهر اسمي.
تشتغل خوارزميات.
وتشحذ الآلات ذاكرتها الاصطناعية.
فأبدو لها إسلاميا
تافها
قومجيا.
فقط لأن الذي قام ببرمجتها في البداية جعلها
تعتقد أن كل من ضد القتل
وضد الاحتلال
و ضد الإبادة
هو عروبي إخواني متخلف يساند الإرهاب.
فمنذ السابع من أكتوبر
احتلت الروبوتات المبرمجة موقع كود
و هيمنت عليه.
و رغم أن معجمها. و معارفها. محصورة. وضيقة.
وكل من لا تعرفه.
وكل مجهول.
وكل من يخالف برمجتها تقصفه بتهمها الجاهزة.
وكلماتها القليلة التي تظل تكررها وتستعملها في كل المواضيع والمقالات.
ورغم طابعها الآلي
فهي تتلقى الدعم من الدولة
ومن المتوقع أن تحصل بدورها على زيادة في الأجر على دفعتين
وتزحف
و تتوغل
وتطرد أي صحافي-إنسان
خارج القطاع
إلى أن تحتل المهنة بالكامل.
وتقضي على أي رأي
وعلى كل من ليس مبرمجا
ومن ليس آلة.