الوالي الزاز -كود- العيون ////
بسطت شمس العيون أشعتها واشتد قيظها مع قرب انتهاء شهر يوليوز، ودنو غشت المعروف بحرارته المفرطة، بالتزامن وإسدال الستار على موسم دراسي طويل وإعلان العطلة الرسمية، ليتجدد السؤال حول مآل ما بعده ومخططات البحث عن رحلة استجماع القوى والإستجمام نسيانا لموسم طويل له ما له وعليه ما عليه.
“كود” استقصت البعض من ساكنة العيون عن مخططاتهم الصيفية، ورحلة سعيهم للبحث عن مكان يأويهم بعيدا عن روتين يومي يعصف بهم، إذ يؤكد “منصور” أن مخططات الصيف هي مسألة دخيلة على المجتمع الصحراوي، والذي لم يكن يأبه بها، إلا في السنون القليلة الماضية، مذكرا أن الساكنة كانت تكتفي بكثبان الصحراء مأوى لها، دون أدنى تفكير في وجهات سياحبة تدخل في إطار الكماليات التي يتغاضى الإنسان السابق عن التعاطي وإياها فيما مضى، لتبرز ظاهرة المصيف مع جيل شبابي حداثي جديد، واكب العصر وتفطن لضرورته قصد مصالحة الذات والإبتعاد عن تكرار السيناريو الثلاثي اليومي المعروف، وهو العمل والمنزل والمقهى.
ويرى “أحمد محمود”، أن مخططات الصيف أصبحت مناسبة للتباهي والتباري بين الأصدقاء والعائلات كل حسب مقدراته المادية، بحيث تتراوح بين اللجوء لمدن شمال المملكة كأكادير ومراكش كأكثر المدن مقصدا، ثم مدن مارتيل وطنجة وغيرها كآخر صيحات موضة الإصطياف، مشيرا أنه يفضل الأخيرة بحكم جودة الخدمات المقدمة وباعتبارها محجا سياحيا يرقى لمستوى التطلعات.
في ذات السياق يعتبر “الخليل” أن موسم الإصطياف محكوم بعامل أساسي آخر غير المادي بالنسبة لساكنة العيون، ويتعلق بالتزام بعضها بمهام رعاية قطعان ماشيتها وإبلها في فيافي الصحراء، إذ تعمد هذه العائلات على الإنتقال بشكل كامل في اتجاه “مراحها” -مكان سكنها في الصحراء- ، موردا في الآن نفسه أن معانقة الصحراء ومجالها الجغرافي له عشاق كثر.
من جانب آخر تشير “مريم” في حديثها ل”كود”، أن ساكنة العيون أصبحت تضع ألف حساب للصيف وكيفية تقضيته والوجهة، مسترسلة أنها تفضل “الهروب” صوب أي مدينة أخرى على الرغم من التكاليف الباهضة، خصوصا بالنسبة للعائلات التي يفوق عدد أفرادها الخمسة أشخاص، والتي تتجه للإقتراض من الأبناك لتمويل الرحلة، ما يفتح باب معاناة لسنوات عدة مقبلة.
“لحبيب” يتسائل بحرقة عن الجدوى من الإصطياف بشاطئ فم الواد غرب العيون، مردفا أن إمكاناته المادية لا تسمح له بالسفر خارج العيون، مؤكدا أنه يقضي سويعات عمله، ليعمل بعدها على نقل عائلته الصغيرة مساءا للشاطئ الذي لا تتوفر به أي خدمات، فهو شاطئ امتزجت مياهه بمياه وادي الساقية الحمراء، ويخلو من أي مظاهر الترفيه أو البنية التحتية وحتى الأمن، فقد أصبح ملاذا لمجرمين يستبيحون الشاطئ صيفا، معتبرا إياه”شر لابد منه”.
بعيدا عن شاطئ فم الواد ومطباته، يؤكد “المحفوظ”، أن جل ساكنة العيون تفضل هدوء البحر، مميطا اللثام عن وجهات ذاع صيتها في الآونة الأخيرة، ويحدد أن شاطئ “لمريجنات” قرب مدينة المرسى، ثم شاطئ “البورة” بطرفاية، فضلا عن آخفنير لها كثير من المصطافين، رغما أنها بعيدة كل البعد عن التصنيف كوجهات سياحية بحكم غياب أي نوع من الخدمات فيها، وتلكم وجهة الطبقة المتوسطة والفقيرة، وهواة الصيد.
وتورد “العالية” أن الفوارق الطبقية تلقي بظلالها بشكل واضح على صيف العيون، مذكرة أن الطبقات الغنية لا تجد مشكلا في مغادرة التراب الوطني في اتجاه فنادق جزر الكناري وأسواقها، علاوة على تركيا وهي المسألة الحكر على “أهل فلان وأهل فلان” في إشارة لعائلات معروفة بعينها، مضيفة أن فصل الصيف يعرف أيضا عددا كبيرا من حالات الزواج، ما يفسر بروز هكذا وجهات في إطار “شهر العسل”، منوهة أن جزءا كبيرا من الساكنة أسير بالعيون، واصفة إياهم ب “مكره أخاك لابطل” بين شوارع رئيسية يجولون بها وكراسي مقاعد وساحات تعج بصخب المرتادين مساءا.