تعرضت  للتخريب صورتان فوتوغرافيتان للفنان الأمريكي أندريس سيرانو، وذلك صباح الأحد الماضي ، في أحد المعارض الفنية بأفينيون، حيث دخل مجموعة من الشباب حاملين معهم تذاكر الدخول، وتوجه ثلاثة منهم إلى الجهة التي تعرض فيها أعمال الفنان الأمريكي، وقاموا بتكسير الزجاج الواقي ليتسنى لهم تخريب الصور بالاستعانة بمطرقة ومفك براغي، قبل أن يلوذوا بالفرار.
وتمثل الصورة الفوتوغرافية الأولى متدينة مسيحية تصلي في كنيسة، أما الصورة الثانية Piss christ والتي أثارت المسيحيين المتطرفين، فيعود تاريخ تصويرها إلى سنة 1987،  وتقدم المسيح مصلوبا في كأس مملوء ببول الفنان الأمريكي أندريس سيرانو.
ويتضمن هذا المعرض أعمالا لعدة فنانين جمعت من طرف أحد منظمي المعارض في إطار معرض أطلق عليه اسم "أؤمن بالمعجزات".
وخلال عرض استمر ثلاثة أشهر، لم تثر هذه الصورة أي رد فعل، إلا أن بداية شهر أبريل عرفت تدخل أسقف أفينيون الذي وصف الصورة بالعمل"الشنيع"، وطالب بسحبها على الفور، وقد خلف ذلك جدلا كبيرا وأثار حفيظة أتباعه، الذين عبروا عن احتاجهم على تلك الصور.
كما رافق ذلك موقف"معهد سيفيتاس"، الذي وضع عريضة ضد ما اعتبره" تمييزا ضد المسيحية" و"تدنيسا دنيئا للمسيح"، وقد وقع على تلك العريضة 350 ألف شخص، وقام أعضاء المعهد بإرسال آلاف الإيميلات إلى عمدة المدينة ومسؤولي المتحف، ومن جهة أخرى لجأ"التحالف العام من أجل احترام الهوية الفرنسية والمسيحية" إلى القضاء بغرض سحب تلك الصور.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يثير فيها الفنان الأمريكي ضجة مماثلة ، ففي سنة 1989 وأثناء عرض نفس العمل، اتهم أندريس سيرانو من طرف مجموعات دينية بالتجديف، وأدان سيناتورات أمريكيون دعم  مؤسسة تابعة للدولة لأعمال الفنان، في حين دافع آخرون عن حرية التعبير واعتبروا العمل لا يخرج عن نطاق الفن.
 
 
 
 
كيف توصلت إلى تصوير البراز وخلق صور مفرطة في الجمالية؟
 
كلمة براز  رمزية، وفي هذه الصور حاولت العمل كما هي عادتي، وجربت العثور على الجمال، وأنا سعيد لأني تمكنت من ذلك. أحب الاشتغال على مواضيع مفارقة للعادي، والبراز هو الموضوع الأكثر غرابة الذي لم أشتغل عليه أبدا.
 
هل يتعلق الأمر بتطور منطقي، لقد سبق لك أن اشتغلت على إفرازات عضوية أخرى؟
 
ذات مرة، وأثناء إحدى الندوات، سألني أحدهم إذا ما كان هناك شيء ما لا أرغب في التطرق إليه، فأجبته إنه "الغائط"، لدي انطباع بأنه تطور طبيعي، إلا أنه لزمني وقت طويل، سنوات عدة،  قبل أن أدرك ذلك، ومنذ اللحظة التي قررت القيام فيها بذلك، كان كل شيء سهلا.
 
هل عملت في الاستوديو أم في الطبيعة؟
 
بدأت بتصوير برازي وبراز كلبي، وهو ما قمت به في البيت. معظم البراز المعروض صور في الإكواتور بحديقة حيوانات وفي مزارع، حيث تمكنت من العثور على فضلات حيوانات مختلفة، واستطعت العثور على كل بغيتي.
تمكنت من إنشاء أستوديو في غرفة صغيرة وكان حراس الحديقة يأتونني بأنواع البراز، وأحيانا كنت أجني ذلك لوحدي. وبالنسبة إلى السلاحف والأرانب كان كل شيء مهيأ مسبقا معظم الوقت، ولذلك كان بإمكاني التركيز على الصورة الفوتوغرافية طوال اليوم.
 
أي غائط كان الأكثر إثارة للصدمة؟
 
ذلك الخاص بقس"غائط مقدس"، إنه لم يكن من معارفي، لقد وظفته في العمل، وأظن أنه كان البراز الأكثر إثارة للدهشة بين كل البراز، أو الأكثر صعوبة نوعا ما.
 
 تتناول أعمالك ما يوصف غالبا بالفاحش والمجدف…
 
 
لا يمكن في حالة "غائط مقدس"الحديث حقا عن الفاحش. بالإشارة إلى أعمالي، أتأكد أنني أمشي في الطريق الصحيح، ففي الحياة اليومية تستعمل هذه الكلمة في كل المجالات، وإذا ما كتبتموها في محرك البحث غوغل ستحصلون على أكثر من 15 مليون جوابا .
 
هناك خطر يتمثل في أن يعتبر الناس ذلك مجرد مزحة أو سلوك غريب؟
 
الدليل متجسد في العمل وفي الصور الفوتوغرافية، فبعضها جد مؤثر من وجهة نظري، وكمثال على ذلك"براز الفهد" و "براز هييرونيموس بوش"، إنها تشبه حقا واحدة  من صور رسومات بوش، أراها غريبة جدا، وتنتمي إلى القرون الوسطى، مفارقة للواقع وملغزة. كنت أرى أحيانا هيئات ووجوها في صوري، ويمكنكم أن تروا أشياء كثيرة، وأهمها جمال الصور.
 
 
كثيرون ينتقدون فنك ويطنبون في الحديث عنك في البرامج التلفزيونية، لكنهم لم يحضروا إلى معارضك، هل ترى أن كل تغطية إعلامية هي جيدة؟
 
 
من ناحية أنا أشجعها وأستنتج أنه مهما كانت النبرة فإن ذلك يثير فضول الناس الذين يرغبون في رؤية المعرض، وأحيانا يكفي أن تمنع شيئا ما كي يلجأ الناس إلى فعله.
 
 
لماذا يعتبر البراز أحد آخر الطابوهات؟
 
 
إنها مادة قوية جدا ومنفرة وطبيعية أيضا، وكلنا لنا ما يربطنا بها تقريبا كل يوم، وأظن أن كثيرين وهم يشاهدون هذا المعرض، بمن فيهم الفنانون، سيقولون أنه كان بإمكانهم القيام بذلك، إلا أن السؤال المطروح هو لماذا لم يفعلوا ذلك من قبل. إنه ليس بالأمر السيئ دفع الناس إلى التفكير.
 
هل يمكنك أن تتخيل واحدة من صورك معلقة في غرفة لتناول الطعام أو في مطبخ، وهل تعتقد أن الناس لم يتجاوزوا بعد هذا الحاجز؟
 
أظن أن ذلك سيحدث. وباشتغالي على ثلاجات الموتى، وعلى الموتى، والبول… يمكن أن يكون ذلك كشفا لجامعي الصور الذين استهوتهم هذه الصور، وكثير من الناس يرون أنها مثيرة ومرغوبا فيها.
 
 
قلت إنك لم ترغب أبدا في الاشتغال على البراز، الآن وقد كسرت القاعدة التي وضعتها لنفسك، هل تعتقد أنه مازالت هناك مجالات لا تريد المغامرة فيها، إلا أنه سينتهي بك الأمر إلى الخوض فيها؟
 
لن أشتغل أبدا على موضوع يجمع بين الجنس والطفولة، دون ذلك لا أرى مواضيع أخرى لا يمكنني الاقتراب منها. إن عملي غريزي جدا، ويمكن أن تأتيني فكرة في الغد، ثم أنجز شيئا لم يكن يخطر على بالي أنني سأتناوله. أنا لا أفكر في ما لا يمكنني القيام به، بل في ما يمكنني فعله.