حميد زيد كود ////
يكذب من يدعي أنه يرفض دخول ناشطات فيمن إلى المغرب.
ومهما قلتم، فالمشهد ممتع.
وحتى الملاليون الذين رفعوا الشعارات، وصرخوا “لا، لا لفيمن” و “فيمن تطلع برا” فهم في قرارة أنفسهم كانوا يتمتعون.
وفي مدينة مثل بني ملال، فقد كان أمس يوما مشهودا.
الأولى اسمها لولا، والثانية گالا.
حتى الأسماء لا تخلو من إثارة، وتجعلك تتمنى أن يكثر هذا النوع من النضال في المغرب وتتوسع رقعته.
ولن يقول لي أحد إن إشهار النهود أخطر من إشهار السيوف، وأنا متأكد أن الكل كان يتفرج، وتعيس الحظ من لم يكن حاضرا أمام المحكمة.
فنحن الذين نتحلق حول مشاهد الدم والشجار واللكم وحوادث السير، ولا ندع أي فرصة تفلت منا لنتفرج، فإنه من المستحيل أن لا تعجبنا فيمن.
وأكاد أجزم أن هناك الآن من يتأسف، ويلوم ويعاتب الحاضرين الذين لم يتلفنوا له، ويخبروه بالأمر، إلى أن فاته ما فاته.
رجال الأمن أيضا لن ينسوا يوم فيمن، وسيظل عالقا في أذهانهم إلى الأبد، ولن ينفوا الفرق الكبير بين القبض على لص يحمل مطوى أو شفرة حلاقة وبين القبض على لولا ورفيقتها گالا.
وصعب جدا أن تقمعهن، ومهما كنت قاسيا، فقلبك سيمنعك، وسيرق، إلى أن يذوب.
لقد تفرجت عليهن أكثر من مرة في التلفزيون، وفي كل مرة كنت ألاحظ أن الشرطة تتعامل معهن بلطف.
وإن كان لهن من دور إيجابي في العالم فهو تلطيف القمع والتدخل الأمني، ومع الوقت سيظهر من يطالب بالمعاملة بالمثل، حتى تكف السلطة وتمتلىء حنانا ورقة ويزول القمع.
لا يوجد رجل عاقل يرفض التفرج على مشهد مثل هذا، كيفما كان دينه وهويته، فإنه سيحملق مليا وسيركز النظر.
سيقول طبعا لا حول ولا قوة، وسيقول ما هذا المنكر، لكنه في قرارة نفسه سيكون سعيدا وممتنا لهذه الحركة
وأعرف أن الخجل يمنعكم من قول الحقيقة، وأنكم تتمنون أن يأتين بكثرة، وأن يزرننا بين الفينة والأخرى، والحال أنكم تنكرون ذلك.
ويعجبكم من يسكب على جسده البنزين ويضرم النار
ويعجبكم من يحاولون الانتحار
ويعجبكم الإضراب عن الطعام
وتعجبكم هز كدم حط كدم الشوارع عامرا بالدم
وتبحثون عن التبريرات للإرهاب
بينما يرهبكم نهد وتخافون أن يتفجر
ويا للعجب! تحتجون وتمتعضون حين يتعلق الأمر بشقراوات وجميلات زيادة، لا يسببن ضررا لأحد، بل أكثر من ذلك، يمتعننا، ويعدن بعد ذلك إلى بلدانهن.
وبعضهن يأتين من أوكرانيا ويتحملن عناء السفر، ليخلعن ملابسهن، ويصرخن، ويسجلن الموقف ثم يغادرن.
أليس هذا أفضل من النضال التقليدي
أليس هذا أفضل من الوجوه التي تعودنا عليها، ومن اللحي، ومن السقوط المتكرر، والسحل المتكرر، وعبد الحميد أمين، حتى مل المناضلون من السلطة وملت السلطة منهم.
فلا بأس من التغيير.
وكما نريد رونو وبوجو وكل الشركات، ونريد الاستثمارات، ونريد الاتحاد الأوربي، والديمقراطية والحرية والعدالة والحقوق، فليس من حقنا أن نرفض فيمن.
هذا لا يجوز.
فالعالم يؤخذ كله أو يترك، ولا خيار لنا
وعلينا أن نحسن استقبالهن
وتخيلوا معي حين يخرجن لبنكيران من حيث لا يدري
وتخيلوهن في مؤتمر العدالة والتنمية القادم وبسيمة حقاوي ترحب بهن
وتخيلوهن أمام الشيخ محمد الفزازي، وهذا ما لا أتمناه لهن، وأنصحهن بتجنب القيام به، لأني أتوقع هلاكهن على يديه، وأنه سيقبض عليهن، ويحتجزهن، ويفرض عليهن البرقع، ويلحقهن بجمعيته الجديدة، إلى أن يصرن نساء صالحات عفيفات يشاركن في حملة حجابي عفتي، ويقمن بمراجعات فكرية، يتخلون فيها عن تطرفهن وإرهابهن، وتهديدهن للعالم ولأمنه ولاستقراره بصدورهن العارية، التي تغري صغار العقول والمهمشين والذين عيونهم زائغة، فيلتحقون بها، ويتبعونا، ويغامرون بحياتهم من أجل الحصول عليها.